مسألة : قال الشافعي : " ولا يجزئ كفارة حتى يقدم النية قبلها أو معها " .
قال الماوردي : أما على ما قدمناه في الزكاة ؛ لأن دفع المال يتنوع فرضا وتطوعا ، فافتقر الفرض إلى تمييزه بالنية ، وله في النية ثلاثة أحوال ، تجزئه في إحداها ولا تجزئه في الآخر ، ومختلف في إجزائه في الأمر . [ ص: 308 ] الثالث ، فأما ما تجزئه ، فهو أن ينوي عند دفعها فيجزئ ؛ لأن أغلظ أحوال النية أن يكون مع الفعل ، وأما ما لا يجزئ فهو أن ينوي قبل عزلها من ماله ؛ لأنها تجردت عن الفعل ، فكانت قصدا ولم تكن نية ، وأما المختلف فيه ، فهو أن ينوي عند عزلها من ماله وقبل دفعها ، ففي إجزائها وجهان : النية في دفع الزكاة والكفارة فواجبة
أحدهما : تجزئ وإن لم تجزئ مثله في الصلاة ، وهو الظاهر من كلام الشافعي حتى يقدم النية قبلها ومعها ؛ لأن الاستنابة في دفعها يصح ، ولا يمكن المستنيب أن ينوي مع الدفع ، فأجزأته النية مع العزل ، وخالفت الصلاة التي لا تجوز الاستنابة فيها ، فلزم أن تكون النية مقارنة لأولها ، وجرت الضرورة مجرى الصيام الذي تجزئ النية فيه قبل دخوله للضرورة عند تعذرها مع دخوله .
والوجه الثاني : لا يجزئه لبقائها مع القود على ملكه فأشبه النية قبل عزله ، وتأول من قال بهذا الوجه قول الشافعي حتى يقدم النية قبلها ، أو معها بتأويلين :
أحدهما : أن ينوي قبلها إذا استصحب النية إلى دفعها .
والثاني : قبلها في الصيام ومعها في الكسوة .