الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو نذر عتق رقبة ، فأي رقبة أعتق أجزأه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا نذر عتق رقبة معينة ، وجب عليه عتقها بنذره ، ولا يجوز أن يعدل عنها إلى عتق غيرها ، وإن كانت أفضل منها ، وسواء أجزأت في الكفارة ، أو لم تجز ، لأن العتق حق قد تعين لها بالنذر ، ولا يجوز له بيعها بعد وجود شرط النذر ، ويجوز له بيعها قبل وجود الشرط كقوله : إن شفى الله مريضي ، فلله علي أن أعتق عبدي سالما ، فله بيعه قبل شفاء مريضه ، لأن عتقه لم يجب ، ويسقط النذر إن شفي مريضه ، لخروجه عن ملكه ولا يلزمه عتق غيره ، ولا يجوز له بيعه ، بعد شفاء مريضه ، لوجوب عتقه ، وإن باعه بطل بيعه .

                                                                                                                                            فأما إذا أطلق النذر ولم يعينه ، وقال : " لله علي أن أعتق رقبة " ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجزئه عتق أي رقبة شاء مما يجزئ في الكفارة ، أو لا يجزئ ، وهو [ ص: 504 ] المنصوص عليه هاهنا لأن اسم الرقبة ، ينطلق عليها مع اختلاف أحوالها ، فروعي ما انطلق عليه الاسم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن عليه أن يعتق ما يجزئ ، في الكفارة فتكون مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل إضرارا بينا ، ولا يجزئ عتق كافرة ، ولا ذات عيب يضر بالعمل ، لأن النذر محمول على عرف الشرع ، وتأول قائل هذا الوجه قول الشافعي : " فأي رقبة أعتق أجزاه " يعني : من صغيرة وكبيرة ، لأن عتق الصغيرة والكبيرة في الكفارات سواء .

                                                                                                                                            وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن نذر الهدي ، هل يجزئ فيه ما أطلق عليه الاسم ، أو ما استقر عليه عرف الشرع ، وعلى اختلاف القولين في نذر الصلاة هل يجزئ فيه أقل مفروضاتها ، أو الأقل من جميعها ؟

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية