الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن عقد نذره على صيام رمضان ، والعيدين وأيام التشريق ، لم ينعقد نذره ولم يلزمه قضاؤه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : ينعقد نذره ويلزمه قضاؤه ، فإن صام ذلك عن نذره أجزأه العيدان ، وأيام التشريق ، فأما رمضان فيجزئه إن كان مسافرا ولا يجزئه إن [ ص: 494 ] كان حاضرا ، ويجزئه في قول أبي يوسف مسافرا كان أو حاضرا استدلالا بأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لما دخل في نذره إذا عم وجب أن ينعقد عليه النذر إذا خص .

                                                                                                                                            والثاني : أن أول نذره بدأ بعقده على صيام شهر وأيام وإذا وصله في تعيينه برمضان والأيام المحرمة سقط حكم المعصية ، ولم يبطل حكم النذر ، كما لو قال : " لله علي أن أصلي في دار مغصوبة " لزمته الصلاة وسقط فعلها في دار مغصوبة .

                                                                                                                                            ودليلنا حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نذر في معصية الله ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم ولأن ما لم يستحق صومه عن النذر لم ينعقد به النذر كأيام الحيض ، ولأنه زمان ينافي صيام نذره فلم ينعقد عليه نذره كالليل .

                                                                                                                                            والجواب عن استدلاله بدخوله في عموم نذره ، فجاز أن ينعقد على خصوص النذر ، فكذلك حكم ما اختلفنا فيه فدخل في عموم نذره ، ولا ينعقد عليه خصوص نذره .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن استدلاله بنذره الصلاة في الدار المغصوبة ، فيحتمل انعقاد نذره على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل فسقط الاستدلال به .

                                                                                                                                            والثاني : أنه صحيح ويصليها في غير المغصوبة ، ويجزئه إن صلاها في الدار المغصوبة .

                                                                                                                                            والفرق بينهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تعيين الزمان من الصيام المنذور لازم ، وتعيين المكان في الصلاة المنذورة غير لازم .

                                                                                                                                            والثاني : ما أجمعنا عليه من أنه لو نذر صوم يوم مطلق ، فصامه في يوم عيد ، لم يجزه .

                                                                                                                                            ولو نذر صلاة مطلقة فصلاها في دار مغصوبة أجزأه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية