الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يجوز أن يقول أحدهما لصاحبه إن أصبت بهذا السهم فقد نضلتك إلا أن يجعل رجل له سبقا إن أصاب به " .

                                                                                                                                            [ ص: 229 ] قال الماوردي : وصورتها في عقد بين متناضلين على إصابة معلومة من رشق معلوم ، كاشتراطهما إصابة عشرة من عشرين فيشرعان في الرمي ، ويصيب كل واحد منهما بعقد إصابته على تساو أو تفاضل من قليل أو كثير ، ثم يستثقلان إتمام الرمي ، فيقول أحدهما لصاحبه " هو ذا ، أرمي بهذا السهم فإن أصبت به ، فقد نضلتك وإن أخطأت به ، فقد نضلتني " فهذا باطل ، لا يصير به ناضلا إن أصاب ، ولا منضولا إن أخطأ . ولبطلانه علتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أنه جعل الإصابة الواحدة قائمة مقام إصابات ، فبطل وهذا قول ابن أبي هريرة .

                                                                                                                                            والثانية : أن يئول إلى أن يصير من قلة إصابته ناضلا ومن كثرة إصابته منضولا ، فإن تقاسما عقدهما ، ثم قال أحدهما لصاحبه أو لغيره : ارم بسهمك هذا ، فإن أصبت به ، فلك درهم ، جاز واستحق الدرهم إن أصاب ، ولجوازه علتان : إحداهما أنه قد أجابه إلى ما سأل ، فالتزم له ما بذل ، وهذا قول ابن أبي هريرة .

                                                                                                                                            والثانية : أنه تحريض في طاعة فلزم البذل عليها كالمناضلة .

                                                                                                                                            قال أبو إسحاق المروزي : وهذا بذل مال على عمل ، وليس بنضال : لأن النضال لا يكون إلا بين اثنين ، فأكثر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية