الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ( ويرمي البادئ بسهم ثم الآخر بسهم حتى ينفدا نبلهما ) .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا فيما يختص بالرمي دون السبق لاختصاص الرمي بالمبتدئ ، فاختص بما يواليه من عدد ما يرمي ، فإن شرطاه في العقد حملا فيه على موجب الشرط ، وكان الشرط أحق من العرف ، فإن شرطا أن يرميا سهما وسهما ، أو شرطا أن يرميا خمسا وخمسا ، أو شرطا أن يواصل كل واحد منهما رمي جميع رشقه ، رمى كل واحد منهما عدد ما أوجب الشرط ، فإن زاد عليه لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا لخروجه عن موجب العقد ، وإن أغفل ولم يشترط في العقد لم يبطل العقد بإغفاله لإحكامه التكافؤ فيه واعتبر فيهما عرف الرماة ؛ لأنه يجري بعد الشرط مجرى الشرط ، فإن كان عرف الرماة جاريا حد الثلاثة المجوزة في الشرط صار كالمستحق بالشرط ، وإن لم يكن للرماة عرف لاختلافه بينهم رميا سهما وسهما ، ولم يزد كل [ ص: 211 ] واحد منهما على سهم واحد حتى يستنفدا جميع الرشق ؛ لأن قرب المعاودة إلى الرمي أحفظ لحسن الصنيع .

                                                                                                                                            فإن رمى أحدهما أكثر من سهم ، فإن كان قبل استقرار هذا الترتيب كان محتسبا به مصيبا ومخطئا ، وإن كان بعد استقراره لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا : لأنه قبل الاستقرار مجوز وبعد الاستقرار ممنوع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية