الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولا يجوز السبق إلا أن تكون الغاية التي يخرجان منها وينتهيان إليها واحدة .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح : لأن من شرط صحة السبق من مسافة السباق ثلاثة شروط :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون مسافة السبق معلومة الانتهاء فيشترطان الجري من ابتداء معلوم إلى غاية معلومة ، لأنه من عقود المعاوضات المحروسة بالابتداء من الجهالة ، فإن استبقا على غير غاية على أن أيهما سبق صاحبه كان سابقا من قريب المدى وبعيده لم يجز لعلتين :

                                                                                                                                            إحداهما : أن من الخيل من يشتد جريه في الابتداء ، ويضعف في الانتهاء وهو عتاقها ، ومنها ما يضعف في الابتداء ويشتد في الانتهاء ، وهو هجانها ، ولا يتحقق السابق منهما مع جهالة المدى .

                                                                                                                                            والثاني : أن يفضي ذلك منهما إلى إجراء الخيل حتى تنقطع ، وتهلك طلبا للسبق ، فمنع منه ، فأما الرمي إذا عقد بين المترامين على أن أيهما أبعد سهما ، فهو فاضل ففي صحته وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 199 ] أحدهما : أنه لا يصح كالسبق بالخيل حتى يعقد على عدد الإصابة دون بعد المدى .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يصح أن يعقد على بعد المدى كما يصح أن يعقد عدد الإصابة ، لأن كل واحد من بعد المدى ، ومن الإصابة مؤثر في العقد ، فصح العقد عليهما ، ولا يؤثر في العقد الإفراه الخيل بالسبق إلى غاية فافترقا .

                                                                                                                                            والشرط الثاني : أن تكون المسافة المشروطة مسماة يمكن أن ينتهي شوط الفرس إليها غير منقطع في العرف ، فإن زادت حتى لا ينتهي شوطه إليها إلا منقطعا لم تجز لتحريم ذلك من حقوقهما وأن الانتهاء إليها ممتنع ، فإن كانت مسافة السبق تنتهي إليها هجان الخيل الشديدة دون عتاقها الضعيفة جاز الاستباق إليها بالهجان دون العتاق ، وكذلك لو كانت مسافة ينتهي إليها شوط الإبل دون الخيل جاز الاستباق إليها بالإبل دون الخيل .

                                                                                                                                            والشرط الثالث : أن يتساويا في ابتداء الجري وانتهائه ليكونا في الغاية متساويين ، ولا يفضل أحدهما بشيء في الابتداء والانتهاء ، وإن فضل أحدهما صاحبه بشيء ، وإن قل فسد السبق ، لأن المقصود بالسبق العلم بأفره الفرسين ولا يعلم ذلك مع التفضيل ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية