الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر هذا ، وحلف على أحد هذه الأقسام الخمسة ، فلا يخلو حاله فيها أن يبر أو يحنث ، فإن بر فلا كفارة عليه ، سواء كان بره فيها طاعة أو معصية ، ذهب بعض إلى وجوب الكفارة عليه بعقد اليمين وإن لم يحنث فيها ، وهو قول عائشة والحسن [ ص: 266 ] وقتادة تعلقا بقول الله تعالى : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 89 ] ، فعلق الكفارة باليمين دون الحنث .

                                                                                                                                            والدليل على فساد هذا القول ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : والله لأغزون قريشا فغزاهم ولم يكفر وقوله : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 89 ] ، يعني : وحنثتم ، كما قال فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [ البقرة : 184 ] ، أي : فأفطرتم ، فعدة من أيام أخر ، فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه ، وإن حنث في يمينه وجبت الكفارة عليه ، سواء كان حنثه طاعة أو معصية .

                                                                                                                                            وذهب الشعبي وسعيد بن جبير إلى أنه لا كفارة في حنث الطاعة ، وإنما تجب في حنث المعصية : لأن فعل الطاعة مأمور به ، وغير آثم فيه ، فلم يحتج إلى تكفير كالقتل ، إن أثم به كفر ، وإن لم يأثم به لم يكفر ، وهذا خطأ : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه وليس يمتنع أن يكفر في فعل الطاعة كالمحرم إذا اضطر إلى أكل الصيد كان مطيعا في قتله ، وعليه أن يكفر بالجزاء ، وكالقاتل الخطأ ليس يأثم ، وعليه الكفارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية