الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا نذر الحج ماشيا مشى حتى يحل له النساء ثم يركب ، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصر " .

                                                                                                                                            [ ص: 473 ] قال الماوردي : وهذا النذر في الحج ماشيا موافق لنذره أن يمشي إلى بيت الله من وجهين ، ومفارق له من وجهين .

                                                                                                                                            فأما ما يوافقه من الوجهين :

                                                                                                                                            فأحدهما : اشتراكهما في وجوب المشي فيهما ، وسقوطه ، وفيه وجهان وأما ما يفارقه فيه من الوجهين :

                                                                                                                                            فأحدهما : أنه إذا نذر الحج ماشيا ؛ تعين نذره في الحج ، ولم يكن له خيار في العمرة ، وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ، لم يتعين نذره في واحد منهما ، وكان له الخيار في الإحرام بحج أو عمرة .

                                                                                                                                            والثاني : يفترقان في أول المشي وآخره ، فإذا نذر أن يحج ماشيا كان آخر المشي متفقا عليه وأوله مختلفا فيه .

                                                                                                                                            وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله كان أول المشي متفقا عليه ، وآخره مختلفا فيه ، فإذا نذر أن يحج ماشيا ففي أول ما يجب عليه من المشي وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : من بلده إذا توجه منه لحجه اعتبارا بالعرف في حج الماشي فعلى هذا يلزمه الإحرام به من بلده .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يلزمه المشي من ميقاته اعتبارا بأول أفعال الحج وأركانه .

                                                                                                                                            فعلى هذا يحرم به من ميقاته وآخر مشيه إذا حل إحلاله الثاني الذي يستبيح به جميع ما حظره الإحرام ، وفي إحلاله الثاني قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : بثلاثة أشياء : الرمي ، والحلق ، والطواف ، إن قيل : إن الحلق نسك .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه بشيئين : الرمي ، والطواف ، إن قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر .

                                                                                                                                            ويجوز له أن يركب في أيام منى وإن كان الرمي فيها باقيا عليه ؛ لأنه يرميها بعد خروجه من حجه .

                                                                                                                                            وإذا نذر المشي إلى بيت الله كان أول مشيه من بلده إذا توجه ، وفي آخره ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : إذا وصل إلى البيت اعتبارا بلفظ نذره .

                                                                                                                                            والثاني : إذا طاف بالبيت طواف القدوم اعتبارا بأول قربة .

                                                                                                                                            والثالث : إذا حل إحلاله الثاني اعتبارا بكمال نسكه ، فإن ركب في مشيه المستحق كان [ ص: 474 ] في الفدية على ما مضى ، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا كان في أول مشيه وجهان كما ذكرنا في الحج :

                                                                                                                                            أحدهما : من بلده ، ويحرم منه بعمرة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : من ميقاته ويحرم منه بعمرته ، وآخر مشيه إذا أحل من عمرته ، وفيما يتحلل به منهما قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : بالطواف ، والسعي ، والحلق ، إن قيل إن الحلق نسك .

                                                                                                                                            والثاني : بالطواف ، والسعي ، إن قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية