الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يجزئ كفارة حتى يقدم النية قبلها أو معها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما النية في دفع الزكاة والكفارة فواجبة على ما قدمناه في الزكاة ؛ لأن دفع المال يتنوع فرضا وتطوعا ، فافتقر الفرض إلى تمييزه بالنية ، وله في النية ثلاثة أحوال ، تجزئه في إحداها ولا تجزئه في الآخر ، ومختلف في إجزائه في الأمر . [ ص: 308 ] الثالث ، فأما ما تجزئه ، فهو أن ينوي عند دفعها فيجزئ ؛ لأن أغلظ أحوال النية أن يكون مع الفعل ، وأما ما لا يجزئ فهو أن ينوي قبل عزلها من ماله ؛ لأنها تجردت عن الفعل ، فكانت قصدا ولم تكن نية ، وأما المختلف فيه ، فهو أن ينوي عند عزلها من ماله وقبل دفعها ، ففي إجزائها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : تجزئ وإن لم تجزئ مثله في الصلاة ، وهو الظاهر من كلام الشافعي حتى يقدم النية قبلها ومعها ؛ لأن الاستنابة في دفعها يصح ، ولا يمكن المستنيب أن ينوي مع الدفع ، فأجزأته النية مع العزل ، وخالفت الصلاة التي لا تجوز الاستنابة فيها ، فلزم أن تكون النية مقارنة لأولها ، وجرت الضرورة مجرى الصيام الذي تجزئ النية فيه قبل دخوله للضرورة عند تعذرها مع دخوله .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجزئه لبقائها مع القود على ملكه فأشبه النية قبل عزله ، وتأول من قال بهذا الوجه قول الشافعي حتى يقدم النية قبلها ، أو معها بتأويلين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ينوي قبلها إذا استصحب النية إلى دفعها .

                                                                                                                                            والثاني : قبلها في الصيام ومعها في الكسوة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية