الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الفطر رخصة فالصوم أولى له إذا قدر عليه وقال مالك : الفطر أولى لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " وفي رواية " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه " قال وكما أن قصر الصلاة في السفر أولى من إتمامها كذلك الفطر أولى من الصيام ، ودليلنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كان له حمولة زاد فإذا شبع فليصم رمضان حيث أدركه " وروي أن عائشة رضي الله عنها لما فرغت من حجة الوداع فقالت : يا رسول الله صمت وما أفطرت وأتممت وما قصرت ، فقال لها : " أحسنت " فدل على أن الصوم أفضل ، ولأن الفطر رخصة والصوم عزيمة وفعل العزيمة أفضل من فعل الرخصة ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه " فضعيف عند أهل النقل ، وإن صح فلا دليل فيه ؛ لأنه أحب الأخذ بالرخصة والعزيمة ، وإذا أحبهما معا ، وكان أحدهما مسقطا لما تعلق بالذمة ، فهو أولى ، وأما قصر الصلاة فلقد اختلف فيه أصحابنا فقال بعضهم الإتمام أولى كالصوم ، وقال بعضهم : القصر أولى ، وإنما كان القصر أولى من الإتمام ، وأفضل ؛ لأنه لا يلزم فيه القضاء ، ولا يتعلق به إيجاب ضمان في الذمة وليس كذلك الفطر ؛ لأنه إذا أفطر تعلق بذمته ضمان القضاء فلذلك ما اختلفا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية