الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن طرحها عند من تجمع عنده أجزأه إن شاء [ ص: 389 ] الله تعالى . سأل رجل سالما فقال ألم يكن ابن عمر يدفعها إلى السلطان ؟ فقال : بلى ، ولكن أرى أن لا يدفعها إليه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما زكاة الفطر ، فقد قال أصحابنا وهي جارية مجرى زكاة الأموال الظاهرة ، كالزروع والثمار والمواشي ، لكن عرف السلف جار بتولي الناس تفريقها بنفوسهم ، فإن كان والي الوقت جائرا لم يجز دفعها إليه ، وإن كان عادلا وجب على قوله القديم دفعها إليه ، واستحب ذلك له على قوله الجديد ، وإن لم يجب عليه هذا نص الشافعي في زكاة الأموال الظاهرة ، فأما زكاة الفطرة فقد قال الشافعي : " تفريقها بنفسي أحب إلي من أن أطرحها عند من تجمع عنده " فاحتمل أمرين : أحدهما : أن ذلك أحب إليه إذا لم يكن الوالي نزها فقد أورد الشافعي في الأم أن رجلا سأل عطاء عن ذلك فقال : ادفعها إلى الوالي ، فجاء الرجل إلى ابن أبي مليكة ، فسأله فقال : أخرجها بنفسك فقال له الرجل : فإن عطاء أمرني أن أدفعها إلى الوالي فقال ابن أبي مليكة : أفتاك الصالح بغير مذهبه لا تدفعها إليهم ، فإنما يعطيها هشام حرسه ، وبوابه ومن شاء من غلمانه .

                                                                                                                                            وروي أن رجلا سأل سالما فقال : أحمل صدقتي إلى السلطان فقال : لا . فقال له الرجل : ألم يكن ابن عمر يدفعها ؟ فقال : بلى ! ولكن لا أرى أن تدفعها إليه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه أحب ذلك على كل حال ، وهذا يدل على أنه أجراه مجرى الأموال الباطنة ، وهذا أحب إلي وأولى عندي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية