الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأحب إلي ذوو رحمه إن كان لا تلزمه نفقتهم بحال " .

                                                                                                                                            [ ص: 388 ] قال الماوردي : أما الأقارب وذووا الأرحام ، فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون نفقاتهم واجبة كالآباء والأبناء إذا كانوا فقراء زمنى ، فلا يجوز أن يدفع الزكاة إليهم : لأنه يجب عليه أن يخرج الزكاة عنهم .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا تكون نفقاتهم واجبة ، كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، فالأولى إذا كانوا من أهل الصدقة أن يخصهم بها : صلة لرحمه وبرا لأهله وأقاربه ، قال الله تعالى : أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله ، [ محمد : 22 ] ، فجمع بين قطيعة الرحم والإفساد في الأرض ثم عقبها باللعنة إبانة لعظم الإثم .

                                                                                                                                            وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة كان على راحلته وبيده مخصرة وهو يومئ بها ويقول أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام وادخلوا الجنة بسلام

                                                                                                                                            وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : صلوا أرحامكم ولو بالسلام .

                                                                                                                                            وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير الصدقة على ذي الرحم الكاشح يعني المعادي وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يقبل الله صدقة امرئ ، وذو رحم محتاج وفيه ثلاثة تأويلات : أحدهما : لا يقبل الله صدقة كاملة وذو رحم محتاج .

                                                                                                                                            والثاني : لا يقبل الله صدقة تطوع وذو رحم محتاج .

                                                                                                                                            والثالث : لا يقبل الله صدقة إما فرض ، وإما تطوع وذو رحم تجب نفقته محتاج ، فلا ينفق عليه . ويختار للزوجة إذا كان زوجها فقيرا ، أن تخصه بصدقتها : لأنه في معنى أهلها وأقاربها ، ومنع أبو حنيفة من ذلك وقال : إن دفعت إليه زكاتها لم يجزها ، وهذا غلط : لأن المناسب أقوى سببا من الزوج : لأن عصمة النسب لا يمكن قطعها ، وعصمة الزوجية يمكن قطعها فإذا جاز واستحب له دفع الصدقة إلى أهله وأقاربه إذا كانت نفقاتهم غير واجبة ، جاز للزوجة ، واستحب لها دفع الصدقة إلى زوجها : إذ نفقته غير واجبة ، فلو عدل المزكي عن أقاربه وذوي رحمه إلى الأجانب الفقراء ، فقد عدل عن الأولى وأجزأه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية