مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويقسمها على من تقسم عليه زكاة المال " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، مصرف زكاة المال في الأصناف المذكورين في كتاب الله تعالى ، وقال مصرف زكاة الفطر مالك على الفقراء خاصة ، ويجوز أن يدفعها إلى فقير لقوله صلى الله عليه وسلم أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ، وأشار إلى الفقراء وأمر بإغنائهم ، وإغناؤهم لا يكون بأقل من صاع .
وقال أبو سعيد الإصطخري : إن تولى إخراجه بنفسه جاز أن يقتصر على صنف واحد من جملة الأصناف الثمانية ، فيدفعها إلى ثلاثة من أي الأصناف شاء ، ولا يجوز أن يقتصر على أقل من ثلاثة ، وإن دفعها إلى الإمام لم يعطها إلا في جميع الأصناف ، وفصل بينهما للضرورة ولأن الإمام يمكنه وضعها في جميعهم من غير مشقة مع اتساع المال وكثرة الصدقات ورب المال إن كلف ذلك شق عليه ، وإن كلف تفريق صاع على أربعة وعشرين حصة كل واحد منهم غير مؤثرة في حاله ، وربما بعثه قلتها على الامتناع من أخذها والدلالة عليهما قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين ، [ التوبة : 60 ] ، الآية فجعل ما انطلق اسم الصدقة عليه مستحقا لمن اشتملت الآية عليه ، ولأنها صدقة واجبة فوجب أن لا يختص بها صنف مع وجود غيره كزكوات الأموال ، فإذا ثبت ما ذكرنا ، وتولى المزكي إخراجها بنفسه .
قال الشافعي : في " الأم " فرقها في ستة أصناف ، وسقط عنه سهم العاملين والمؤلفة لفقد ما استحقا به من الحاجة ، فإن لم يجد الأصناف الستة ، فرقها فيمن وجد منهم ، ولم يجز أن يقتصر من كل صنف على أقل من ثلاثة ، ولا يجوز أن يدفعها إلى كافر ، وأجاز أبو حنيفة دفعها إلى كافر ، ولم يجز ذلك في زكاة المال والدلالة عليه قوله صلى الله عليه وسلم فجعل من تدفع الصدقة إليه فقيرا ، أو من تؤخذ الصدقة منه غنيا ، فلما لم تؤخذ الصدقة إلا من غني مسلم ، وجب أن لا تدفع الصدقة إلا إلى فقير مسلم ولأنه حق يجب إخراجه للطهرة ، فلم يجزه دفعه إلى أهل الذمة كزكاة المال .
أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم