ذكر يزيد بن حاتم إفريقية وقتال الخوارج ولاية
لما بلغ المنصور ما حل بعمر بن حفص من الخوارج جهز في ستين ألف فارس ، وسيره إلى يزيد بن حاتم بن قبيصة بن أبي صفرة إفريقية ، فوصلها سنة أربع وخمسين ومائة .
فلما قاربها سار إليه بعض جندها واجتمعوا به وساروا معه إلى [ ص: 171 ] طرابلس ، فسار أبو حاتم الخارجي إلى جبال نفوسة ، وسير يزيد طائفة من العسكر إلى قابس ، فلقيهم أبو حاتم فهزمهم ، فعادوا إلى يزيد ، ونزل أبو حاتم في مكان وعر وخندق على عسكره .
وعبأ يزيد أصحابه وسار إليه ، فالتقوا في ربيع الأول سنة خمس وخمسين ، فاقتتلوا أشد قتال ، فانهزمت البربر ، وقتل أبو حاتم وأهل نجدته ، وطلبهم يزيد في كل سهل وجبل فقتلهم قتلا ذريعا ، وكان عدة من قتل في المعركة ثلاثين ألفا .
وجعل آل المهلب يقتلون الخوارج ويقولون : يالثارات ! وأقام شهرا يقتل عمر بن حفص الخوارج ، ثم رحل إلى القيروان .
فكان عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الرحمن الفهري مع أبي حاتم ، فهرب إلى كتامة ، فسير إليهم يزيد بن حاتم جيشا فحصروا البربر وظفروا بهم ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وهرب عبد الرحمن وقتل جميع من كان معه وصفت إفريقية .
وأحسن يزيد السيرة وآمن الناس إلى أن انتقضت ورفجومة ( سنة أربع وستين ومائة بأرض الزاب ) وعليها أيوب الهواري ، فسير إليهم عسكرا كثيرا ( واستعمل عليهم يزيد بن مجزاء المهلبي ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم يزيد وقتل كثير من أصحابه ، وقتل المخارق بن غفار صاحب الزاب .
فولي مكانه المهلب بن يزيد المهلبي ، وأمدهم يزيد بن حاتم بجمع كثير ، واستعمل عليهم العلاء بن سعيد المهلبي ، وانضم إليهم المنهزمون ولقوا ورفجومة ) واقتتلوا ، واشتد القتال ، فانهزمت البربر وأيوب ، وقتلوا بكل مكان حتى أتي على آخرهم ، ولم يقتل من الجند أحد .
ثم يزيد في رمضان سنة سبعين ومائة ، وكانت ولايته خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر ، واستخلف ابنه داود على إفريقية . مات