الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وثوب الحربية ببغداذ

وفيها كان من الشغب ببغداذ بين الحربية والحسن بن سهل ، وكان سبب ذلك أن الحسن بن سهل كان بالمدائن حين شخص هرثمة إلى المأمون ، فلما اتصل ببغداذ ، وسمع ما صنعه المأمون بهرثمة ، بعث الحسن بن سهل إلى علي بن هشام ، وهو والي بغداذ من قبله ، أن ماطل الجند من الحربية أرزاقهم ولا تعطهم .

وكان الحربية قبل ذلك حين خرج هرثمة إلى خراسان قد وثبوا ، وقالوا : لا نرضى حتى نطرد الحسن وعماله عن بغداذ . فطردوهم ، وصيروا إسحاق بن موسى الهادي خليفة المأمون ببغداذ ، واجتمع أهل الجانبين على ذلك ورضوا به .

فدس الحسن إليهم ، وكاتب قوادهم حتى يبعثوا من جانب عسكر المهدي ، فحول [ ص: 476 ] الحربية إسحاق إليهم ، وأنزلوه على دجيل ، وجاء زهير بن المسيب ، فنزل في عسكر المهدي ، وبعث الحسن علي بن هشام في الجانب الآخر هو ومحمد بن أبي خالد ، ودخلوا بغداذ ليلا في شعبان ، وقاتل الحربية ثلاثة أيام على قنطرة الصراة ، ثم وعدهم رزق ستة أشهر إذا أدركت الغلة ، فسألوه تعجيل خمسين درهما لكل رجل منهم ينفقونها في رمضان ، فأجابهم إلى ذلك .

وجعل يعطيهم ، فلم يتم العطاء حتى أتاهم خبر زيد بن موسى من البصرة ، المعروف بزيد النار ، وكان هرب من الحبس ، وكان عند علي بن سعيد ، فخرج من ناحية الأنبار هو وأخو أبي السرايا في ذي القعدة سنة مائتين ، فبعثوا إليه فأتي به إلى علي بن هشام ، وهرب علي بن هشام بعد جمعة من الحربية ، ونزل بصرصر ; لأنه لم يف لهم بإعطاء الخمسين إلى أن جاء الأضحى ، وبلغهم خبر هرثمة وأخرجوه .

وكان القيم بأمر هرثمة محمد بن أبي خالد ; لأن علي بن هشام كان يستخف به ، فغضب من ذلك ، وتحول إلى الحربية ، فلم يقربهم علي ، فهرب إلى صرصر ، ثم هزموه من صرصر .

وقيل : كان السبب في شغب الأبناء أن الحسن بن سهل جلد عبد الله بن علي بن ماهان الحد ، فغضب الأبناء ، وخرجوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية