الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر استيلاء طاهر على واسط وغيرها

ثم سار طاهر من الأهواز إلى واسط ، وبها السندي بن يحيى الحرشي ، والهيثم بن شعبة ، خليفة خزيمة بن خازم ، فجعل طاهر كلما تقدم نحوهم تقوضت المسالح والعمال بين يديه ، حتى أتى واسطا ، فهرب السندي والهيثم بن شعبة عنها ، واستولى طاهر على واسط ، ووجه قائدا من قواده إلى الكوفة عليها العباس بن موسى الهادي ، فلما بلغه الخبر خلع الأمين ، وبايع للمأمون ، وكتب بذلك إلى طاهر .

ونزلت خيل طاهر فم النيل ، وغلب على ما بين واسط والكوفة ، وكتب المنصور بن المهدي ، وكان عاملا للأمين على البصرة ، إلى طاهر ببيعته وطاعته ، وأتته بيعة المطلب بن عبد الله بن مالك بالموصل للمأمون ، وخلع الأمين ، وكان هذا جميعه في رجب من هذه السنة ، فأقرهم طاهر على أعمالهم ، وولى داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي الهاشمي مكة والمدينة ، واستعمل يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري البجلي على اليمن ، ووجه الحارث بن هشام وداود بن موسى إلى قصر ابن هبيرة ، ( وأقام طاهر بجرجرايا ) .

فلما بلغ الأمين خبر عامله بالكوفة وخلعه والبيعة للمأمون - وجه محمد بن سليمان القائد ، ومحمد بن حماد البربري ، وأمرهما أن يبيتا الحارث بن هشام وداود بالقصر ، فبلغ الحارث الخبر ، فركب هو وداود فعبرا في مخاضة في سوراء إليهم ، فأوقعا بهم وقعة شديدة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وانهزم أهل بغداد .

ووجه الأمين أيضا الفضل بن موسى بن عيسى الهاشمي عاملا على الكوفة في [ ص: 432 ] خيل ، فبلغ طاهرا الخبر ، فوجه محمد بن العلاء في جيش إلى طريقه ، فلقي الفضل بقرية الأعراب ، فبعث إليه الفضل : إني سامع مطيع ، وإنما كان مخرجي كيدا مني لمحمد الأمين . فقال له ابن العلاء : لست أعرف ما تقول ، فإن أردت طاهرا فارجع وراءك ، فهو أسهل الطريق . فرجع الفضل ، فقال محمد بن العلاء : كونوا على حذر ، فلا آمن مكره .

ثم إن الفضل رجع إلى ابن العلاء ، وهو يظن أنه على غير أهبة ، فرآه متيقظا حذرا ، فاقتتلوا قتالا شديدا كأشد ما يكون من القتال ، فانهزم الفضل وأصحابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية