الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وفي نفوذ الاستيلاد ) من الراهن للمرهونة ومثله سيد الجانية ( أقوال الإعتاق ) أظهرها نفوذه من الموسر فقط وتصير قيمتها لقيدها السابق وقت الإحبال أي وإن كانت أقل ، نظير ما مر هنا مكانها ( فإن لم ننفذه ) لإعساره ( فانفك ) الرهن بلا بيع ( نفذ ) الاستيلاد ( في الأصح ) وفارق الإعتاق بأنه قول مقتض للعتق حالا فإذا رد لغا من أصله والإيلاد فعل لا يمكن رده وتعذر نفوذ أثره إنما هو لحق الغير فإذا زال نفذ أما إذا انفك ببيعها في الدين ثم عادت إلى ملكه فينفذ الاستيلاد لكن على الأظهر وقيل قطعا كذا في الروضة وأصلها وعبرا في الأولى بالمذهب ثم قالا وقيل [ ص: 76 ] هذه كالأولى أي في خلافها وعبارة المتن من حيث حكاية الخلاف لا توافق شيئا من ذلك وبعبارتهما المذكورة يعلم غلط الزركشي في قوله في شرحه فيما لو ملكها بعد البيع فيه طريقان أصحهما على ما يقتضيه كلامهما القطع بعدم النفوذ على أنه قبل ذلك بأسطر قال إنه ينفذ على الأصح ( فلو ) لم ننفذه لإعساره حالة الإحبال ( وماتت ) أو نقصت ( بالولادة ) ثم أيسر ( غرم قيمتها ) وقت الإحبال أو الأرش يكون ( رهنا ) مكانها من غير إنشاء رهن وإنما غرم قيمتها أو أرش نقصها ( في الأصح ) لتسببه لهلاكها أو نقصها بالاستيلاد بلا حق فالظرف متعلق بغرم ؛ لأنه الأصل لا برهنا فلا اعتراض عليه ولا قيمة لمزني بها ولا دية لحرة موطوءة بشبهة ماتتا بالإيلاد بخلاف أمة موطوءة بشبهة ماتت به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بقيدها السابق ) أي حيث لم يقض بها الدين الحال .

                                                                                                                              ( قوله أي وإن كانت إلخ ) قياس ما مر اختصاص هذا بالدين الحال ( قوله فينفذ الاستيلاد ) ولو ملك بعضها فهل يسري لباقيها الأوجه نعم كمن ملك بعض من يعتق عليه م ر [ ص: 76 ] وأخذ الزركشي من كلام المتولي وغيره أنا إذا وجدنا له مالا آخر يمكن قضاء الدين منه لم يجز بيع شيء منها ولا كلها كما بين ذلك الشارح في شرح العباب ولعل المراد أنه حدث له مال بعد الاستيلاد فلا ينافي أنه معسر حال الاستيلاد بقي أن ظاهر كلامهم جواز بيعها لوفاء الدين وإن كان مؤجلا ولو قبل حلوله ، وقد يوجه بغرض المبادرة إلى براءة الذمة إذ قد تتلف قبل الحلول ولا يقال لا ضرورة لبيعها قبل الحلول ؛ لأن شغل الذمة مع الإعسار ضرورة فليراجع ولو مات الراهن قبل بيعها فإن سقط الدين بإبراء المرتهن أو تبرع أجنبي بأدائه عتقت وإن لم يتفق ذلك فالأقرب أنه لا ميراث ظاهر فإن بيعت ثبت الميراث فلو اكتسبت بعد الموت وقبل البيع فإن سقط الدين فكسبها لها أو بيعت تبين أنه للوارث شرح م ر ( قوله فالظرف ) أي الجار والمجرور ( قوله ولا قيمة لمزني بها ) ولا ينافي ذلك ما يأتي في الغصب أن الغاصب لو أحبل الأمة المغصوبة ثم ردها إلى مالكها فماتت بالولادة ضمن قيمتها ؛ لأن صورتها أنه حصل مع الزنا استيلاد تام عليها بحيث دخلت في ضمانه م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وتصير قيمته إلخ ) أي حيث لم يقبض بها الدين الحال ا هـ سم ( قوله بقيدها السابق ) وهو قوله في المؤجل مطلقا وفي الحال إذا كانت أقل من الدين ( قوله وقت الإحبال ) كان الأولى تقديمه على قوله بقيدها إلخ ( قوله أي وإن كانت إلخ ) هذه مع كون الأصوب إسقاط الواو مكرر مع قوله بقيدها السابق عبارة سم قوله أي وإن كانت إلخ قياس ما مر اختصاص هذا بالدين الحال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله رهنا إلخ ) ويباع على المعسر منها بقدر الدين وإن نقصت بالتشقيص رعاية لحق الإيلاد بخلاف غيرها من الأعيان المرهونة بل يباع كله دفعا للضرر عن المالك لكن لا يباع شيء من المستولدة إلا بعد أن تضع ولدها ؛ لأنها حامل بحر وبعد أن تسقيه اللبأ ويوجد مرضعة خوفا من أن يسافر بها المشتري فيهلك ولدها فإن استغرقها الدين أو عدم من يشتري البعض بيعت كلها بعد ما ذكر للحاجة في الأولى وللضرورة في الثانية وليس للراهن أن يهبها أي المستولدة للمرتهن أي ولا لغيره بخلاف البيع لأن البيع إنما جوز للضرورة ولا ضرورة إلى الهبة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله لا يمكن رده ) بدليل نفوذه من السفيه والمجنون دون إعتاقهما ا هـ حلبي ( قوله فينفذ الاستيلاد ) ولو ملك بعضها أي بعد بيعها في الدين فهل يسري لباقيها الأوجه نعم كمن [ ص: 76 ] ملك بعض من يعتق عليه ا هـ مغني زاد النهاية ولو مات الراهن قبل بيعها فإن سقط الدين بإبراء المرتهن أو تبرع أجنبي بأدائه عتقت وإن لم يتفق ذلك فالأقرب أنها ليست ميراثا ظاهرا فإن بيعت ثبت الميراث فلو اكتسبت بعد الموت وقبل البيع فإن سقط الدين فكسبها لها وإن بيعت تبين أنه للوارث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في الأولى ) أي في الانفكاك بلا بيع ( وقوله هذه ) أي صورة الانفكاك بالبيع ( قوله من ذلك ) أي من المذهب والأظهر والقطع ( قوله وبعبارتهما إلخ ) وهي أما إذا انفك إلخ ( قوله في شرحه ) أي شرح الزركشي على المنهاج والجار متعلق بقوله المطلق ( وقوله فيما لو ملكها إلخ ) متعلق به بعده تقييده بالظرف الأول ( وقوله فيه طريقان إلخ ) مقول القول ( قوله أو نقصت ) إلى قول المتن ثم إن أمكن في النهاية إلا قوله فالظرف إلى ولا قيمة ، وقوله نظير ما مر إلى وحكم إلخ وكذا في المغني إلا قوله وحكم إلى المتن . قول المتن ( غرم قيمتها ) أي إذا كانت مساوية للدين أو أقل وإلا فلا يغرم إلا قدر الدين ا هـ حفني وفيه وقفة ظاهرة فليراجع ( قوله يكون ) أي ما غرمه من القيمة أو الأرش وكان الأولى ويكون بالعطف ( قوله رهنا مكانه ) وله صرف ذلك أي القيمة أو الأرش في قضاء دينه نهاية ومغني ( قوله فالظرف ) أي قوله في الأصح .

                                                                                                                              ( قوله لأنه الأصل ) أي في العمل لكونه فعلا ( قوله فلا اعتراض عليه ) بأن كلامه يقتضي أن الخلاف في كون القيمة رهنا لا في غرمها ( قوله لمزني بها إلخ ) أي لأمة مزني بها ولو بإكراه ؛ لأنها أي الولادة لا تضاف إلى وطئه إذ الشرع قطع النسب بينه وبين الولد ولا ينافي ذلك ما سيأتي في الغصب أن الغاصب لو أحبل الأمة المغصوبة ثم ردها إلى مالكها فماتت بالولادة ضمن قيمتها ؛ لأن صورته أنه حصل مع الزنا استيلاء تام عليها بحيث دخلت في ضمانه ا هـ نهاية قال ع ش قوله ولو بإكراه أي على الزنا بها من غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا دية لحرة إلخ ) ؛ لأن الوطء سبب ضعيف وإنما أوجبنا الضمان في الأمة لأن الوطء سبب الاستيلاء عليها والعلوق من آثاره فأدمنا به اليد والاستيلاء والحرة لا تدخل تحت اليد والاستيلاء ولا شيء عليه في موت زوجته أمة كانت أو حرة بالولادة لتولده من مستحق نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله بشبهة ) وبالأولى بزنا ا هـ سيد عمر ( قوله بالإيلاد ) خرج به ما لو ماتت بنفس الوطء فعليه قيمتها إن كانت أمة وديتها دية خطأ إن كانت حرة وإن سبق منه الوطء مرارا ولم تتألم منه وإذا اختلف الواطئ والوارث في ذلك فالمصدق الواطئ ؛ لأن الأصل براءة ذمته وعدم الموت به بل هو الغالب ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية