الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وينفق ) الحاكم وجوبا من مال المفلس ( على من عليه نفقته ) من نفسه وقريبه لكن بعد طلبه أو طلب وليه كما اشترطوه في إنفاق ولي نحو الصبي على قريبه ومن زوجاته لكن كمعسر ولا يلزم منه عدم نفقة القريب ؛ لأن الإعسار فيهما مختلف كما يعلم مما يأتي في النفقات ومالكيه كأم ولده أي : يمونهم نفقة وكسوة وإسكانا وإخداما وتجهيزا لمن مات منهم ( حتى يقسم ماله ) ؛ لأنه ما لم يزل ملكه عنه موسر أي : بالنسبة لنفقة نحو القريب فلا ينافي إعساره بالنسبة للزوجة ولا يعطيه إلا نفقة المعسرين كما مر يوما بيوم نعم لا ينفق منه على زوجة حادثة بعد الحجر وإنما أنفق على ولده منه مطلقا ؛ لأنه لا اختيار له فيه وإن كان إنما استلحقه بعد الحجر على الأوجه ؛ لأن الاستلحاق متحتم عليه وبهذا فارق شراءه لابنه في الذمة ؛ لأن له اختيارا فيه عرفا ولا كذلك الولد وعلى ولد سفيه استلحقه من بيت المال لإلغاء إقراره بالمال من كل وجه بخلاف المفلس [ ص: 136 ] كما مر فإن قلت : المماليك بعد الحجر حدثوا باختياره ومع ذلك يمونهم قلت ؛ لأن مؤنتهم من مصالح الغرماء ؛ لأنهم يبيعونهم ويقتسمون ثمنهم وألحقت بهم مستولدة بعد الحجر بناء على نفوذ إيلاده ؛ لأن أجرتها لهم ( إلا أن يستغني بكسب ) بأن حصل منه شيئا فيكلف صرفه لهؤلاء ولو كفى كسبه البعض تمم الباقي من ماله أو زاد رد الباقي لماله واختار السبكي أنه لو قصر بترك الكسب أي : الحلال الغير المزري به لم ينفق على هؤلاء من ماله والإسنوي خلافه وهو ظاهر المتن وكلام الأصحاب ؛ لأنه بعد الفوات يصدق أنه لم يستغن بكسبه وحمله على الاستغناء بالقوة بعيد ؛ إذ قاعدة الباب أنه لا يؤمر بالتحصيل وبه يرد الجمع بحمل الأول على ما إذا وقع له ذلك ثلاثا فأكثر والثاني على ما إذا وقع له مرة أو مرتين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أي يمونهم ) فيه إشارة إلى أن النفقة قد تطلق بمعنى مطلق المئونة ( قوله وعلى ولد ) هو مضاف لقوله سفيه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله الحاكم وجوبا ) إلى قول المتن إلا أن يستغنى في النهاية والمغني إلا قوله أي : بالنسبة إلى نعم قوله وبهذا إلى وعلى ولد سفيه ( قوله بعد طلبه ) أي : القريب فلو أنفق من غير طلب فهل يضمن أم لا ؟ فيه نظر والأقرب عدم الضمان وأنه لا رجوع عليهم أيضا ؛ لأنهم إنما أخذوا حقهم في نفس الأمر ا هـ ع ش ( قوله كما اشترطوه إلخ ) نعم ذكروا أن القريب لو كان طفلا أو مجنونا أو عاجزا عن الإرسال وكزمن أنفق عليه بلا طلب حيث لا ولي له خاص يطلب له وقياسه أن يكون القريب هنا كذلك ا هـ نهاية قال ع ش قوله لا ولي له خاص أي : أو له ولي ولم يطلب فيما يظهر ا هـ أقول ويفيده كلام النهاية بإرجاع النفي إلى القيد والمقيد معا ( قوله ومن زوجاته ) عطف على من نفسه ( قوله ولا يلزم من ) أي : من إنفاق زوجاته كنفقة المعسر ( قوله ؛ لأن الإعسار إلخ ) عبارة المغني وينفق على الزوجة نفقة المعسرين على المعتمد خلافا للروياني من أنه ينفق نفقة الموسرين ، وعلل بأنه لو أنفق نفقة المعسرين لما أنفق على القريب ورد بأن اليسار المعتبر في نفقة الزوجة غير المعتبر في نفقة القريب ؛ لأن الموسر في نفقته من يفضل ماله عن قوته وقوت عياله وفي نفقة الزوجة من يكون دخله أكثر من خرجه وبأن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان بخلاف القريب فلا يلزم من انتفاء الأول انتفاء الثاني ا هـ وكذا في النهاية إلا قوله ؛ لأن الموسر إلى ولأن ( قوله ومماليكه ) عطف على زوجاته ( قوله أي يمونهم إلخ ) فيه إشارة إلى أن النفقة قد تطلق بمعنى مطلق المئونة ا هـ سم وفي المغني ما يقتضي أن ذلك الإطلاق لا على سبيل الحقيقة .

                                                                                                                              ( قوله وتجهيزا إلخ ) وشمل ما ذكر الواجب في تجهيزه وكذا المندوب إن لم يمنعه الغرماء ا هـ نهاية قال ع ش قوله إن لم يمنعه إلخ يفيد أنهم لو سكتوا بحيث لم يأذنوا ولا منعوا أنه يفعل للميت فليراجع من الجنائز ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لمن مات إلخ ) أي : قبل القسمة ا هـ مغني ( قوله ولا يعطيه ) أي : المفلس لنفسه وممونه ( قوله منه ) أي : من مال المفلس ( قوله مطلقا ) أي : حدث قبل الحجر أو بعده ( قوله ؛ لأنه لا اختيار له فيه ) أي : والوطء وإن كان لكن لا يلزم منه الإحبال ا هـ ع ش ( قوله وإن كان إنما إلخ ) عبارة النهاية ولا يرد على ذلك تمكنه من استلحاقه ؛ لأنه واجب عليه فلا اختيار له فيه أيضا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبهذا ) أي : بوجوب الاستلحاق ( فارق ) أي الاستلحاق ( قوله عرفا ) لعل الأنسب شرعا ( قوله وعلى ولد سفيه ) بالإضافة عطف على ولده و ( قوله استلحقه ) نعت للسفيه و ( قوله من بيت المال ) متعلق بأنفق المقدر بالعطف ( قوله لإلغاء إقراره ) أي : ولم يكن السفيه كالمفلس حتى ينفق على ولده الذي استلحقه من ماله لا من بيت المال لإلغاء إلخ ( قوله بالمال ) أي : وبما يقتضيه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف المفلس ) فإنه يقبل إقراره على الصحيح وغايته هنا أن يكون قد أقر بدين وإقراره به مقبول ويجب أداؤه فبالأولى وجوب الإنفاق ؛ لأنه وقع تبعا كثبوت النسب تبعا لثبوت [ ص: 136 ] الولادة بشهادة النسوة ا هـ مغني ( قوله كما مر ) أي : قبيل هذا الفصل بقول المصنف ولو أقر بعين أو دين إلخ ( قوله وألحقت بهم ) أي بالمماليك الحادثة بعد الحجر ( قوله بناء على نفوذ إيلاده ) أي : وقد مر أنه ينفذ خلافا للنهاية والمغني ( قوله بأن حصل ) إلى قوله كذا في المغني وإلى المتن في النهاية ( قوله لهؤلاء ) أي لنفسه وممونه ( قوله الغير المزري ) أي : اللائق أما غير اللائق فكالعدم كما صرحوا به في قسم الصدقات ولو رضي بما لا يليق به وهو مباح لم يمنع منه قال الأذرعي وكفانا مؤنته ا هـ مغني وأقره ع ش ( قوله بعد الفوات ) أي : فوات الكسب ( قوله وحمله ) أي : المتن ( قوله بالتحصيل ) أي بتحصيل ما ليس بحاصل ( قوله وبه يرد ) أي بالقاعدة والتذكير بتأويل الضابط ( قوله بحمل الأول ) أي : ما اختاره السبكي ( قوله ذلك ) أي : للمفلس الامتناع من الكسب ( قوله والثاني ) أي : ما اختاره الإسنوي قال الرشيدي هذا لعله بالنسبة إلى ما في المتن خاصة من دست ثوب وما بعده وإلا فمن البعيد أن يترك من ماله لنحو قريبه نحو الكتب ؛ إذ هو لا يجب عليه لو كان موسرا لقريبه مثل ذلك وإنما يجب عليه النفقة والكسوة ونحوهما ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية