الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يبيع عقاره ) ؛ لأنه أنفع وأسلم مما عداه ( إلا لحاجة ) كخوف ظالم أو خرابه أو عمارة بقية أملاكه أو لنفقته وليس له غيره ولم يجد مقرضا أو رأى المصلحة في عدم القرض أو لكونه بغير بلده ويحتاج لكثرة مؤنة لمن يتوجه لإيجاره [ ص: 182 ] وقبض غلته ويظهر ضبط هذه الكثرة بأن تستغرق أجرة العقار أو قريبا منها بحيث لا يبقى منها إلا ما لا وقع له عرفا ( أو غبطة ) كثقل خراجه مع قلة ريعه ولا يشتري له مثل هذا أو رغبة نحو جار فيه بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله بأقل أو خيرا منه بذلك الثمن وكخوف رجوع أصله في هبته ولو بثمن المثل ودخول هذا في الغبطة ظاهر إذ هي لغة حسن الحال وأفتى القفال في ضيعة يتيم يستأصل خراجها ماله أن لوليه بيعها ولو بدرهم ؛ لأنه المصلحة وأخذ منه الأذرعي أن له بيع كل ما خيف هلاكه بدون ثمن مثله للضرورة وألحق بذلك ما لو غلب على ظنه غصبه لو بقي ( ظاهرة ) قيد زائد على أصله وبقية كتبهما والذي فسراها به ما مر قال الإمام وضابط تلك الزيادة أن لا يستهين بها العقلاء بالنسبة لشرف العقار وألحق به البندنيجي الأواني المعدة للقنية من صفر وغيره وبقية أمواله لا بد فيها أيضا من حاجة أو غبطة لكن تكفي حاجة يسيرة وربح قليل بل بحث في التوشيح جواز بيع ما لا يعد للقنية ولم يحتج إليه بدون ربح وحاجة إذ بيعه بقيمته مصلحة وبحث البالسي أن مال التجارة كذلك قال بل لو رأى البيع بأقل من رأس المال ليشتري بالثمن ما هو مظنة الربح جاز .

                                                                                                                              نعم له صوغ حلي لموليته وإن نقصت قيمته وجزء منه وصبغ ثياب وتقطيعها وكل ما يرغب في نكاحها أو إبقائه أي : مما تقتضيه المصلحة اللائقة بها وبمالها سواء في ذلك الأصل وهو ما صرحوا به والوصي والقيم كما بحثه غير واحد وجرى عليه أبو زرعة فقال والظاهر أن للقيم شراء جهاز معتاد لها من غير إذن القاضي فيقع لها ويقبل قوله فيه إذا لم يكذبه الحس وللولي خلط طعامه بطعام موليه حيث كانت المصلحة للمولى فيه ويظهر ضبطها بأن تكون كلفته مع الاجتماع أقل منها مع الانفراد ويكون المالان متساويين حلا أو شبهة أو مال المولى أحل وله الضيافة والإطعام منه [ ص: 183 ] حيث فضل للمولى قدر حقه وكذا خلط أطعمة أيتام إن كانت المصلحة لكل منهم فيه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 182 ] ( قوله أن لوليه بيعها ) بل القياس الوجوب لوجوب مراعاة المصلحة .

                                                                                                                              ( قوله أن لا يستهين بها العقلاء ) عبارة كنز الأستاذ عقب قول المصنف أو غبطة ظاهرة بأن يرغب فيها بأكثر من ثمن المثل بزيادة لا يستهين بها العقلاء إلخ ( قوله وبقية أمواله ) قال في شرح المنهج أي : ما عدا مال التجارة ا هـ وقضيته [ ص: 183 ] مخالفة بحث البالسي الآتي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( إلا لحاجة ) وكبيع العقار إيجار ما يستحق منفعته مدة طويلة على خلاف العادة في إيجار مثله والمراد بما يستحق منفعته ما أوصى له به أو كان مستحقا له بإجارة أما الموقوف عليه فينبغي الرجوع فيه لشرط الواقف ا هـ ع ش ( قوله كخوف ظالم ) إلى قوله ويظهر في المغني وإلى قول المتن ظاهره في النهاية إلا قوله ويظهر إلى المتن ( قوله أو خرابه ) أي : خوف خرابه ( قوله أو عمارة إلخ ) عطف على الخوف ( قوله أو لنفقته ) وقوله الآتي أو لكونه إلخ معطوفان على لحاجة وكان الأولى حذف اللام عطفا على الخوف ( قوله غيره ) أي : غير العقار ( قوله أو رأى المصلحة ) عطف على لم يجد [ ص: 182 ] مقرضا ( قوله ويظهر ضبط هذه الكثرة إلخ ) لا يخفى ما في هذا الضبط من المبالغة وقد يقال اعتبار الضبط المذكور إنما هو ليصح جعله من قسم الحاجة حتى لو تيسر بيعه واستبدال عقار ببلده يكون مغله أكثر من مغل ذاك بعد المؤن صح وكان من قسم الغبطة الآتي لا الحاجة ثم لا يظهر جعل هذا من مثل الحاجة وما يأتي من ثقل الخراج مع قلة الريع من مثل الغبطة ا هـ سيد عمر ( قوله لكثرة مؤنة ) عبارة المغني والنهاية إلى مؤنة في توجيه من يجمع الغلة فيبيعه ويشتري بثمنه أو يبني ببلد اليتيم مثله ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش أي : مؤنة لها وقع بالنسبة لما يحصله من الغلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأن تستغرق ) أي : المؤنة ( قوله أو قريبا إلخ ) أي أو تكون المؤنة قريبا من الأجرة ( قوله مع قلة ريعه ) أي : غلته ( قوله أو رغبة إلخ ) عطف على ثقل إلخ ( قوله نحو جار إلخ ) أي : كشريك ( قوله ولو بثمن المثل ) بل بأقل كما يأتي آنفا عن الأذرعي ( قوله أن لوليه إلخ ) بل القياس الوجوب لوجوب مراعاة المصلحة ا هـ سم ( قوله : لأنه المصلحة ) ومثله ما عمت به البلوى في مصرنا من أن ما خرب من الأوقاف لا يعمر فتجوز إجارة أرضه لمن يعمرها بأجرة وإن قلت الأجرة التي يأخذها وطالت مدة الإجارة حيث لم يوجد من يستأجر بزيادة عليها ثم بعد ذلك على الناظر صرفه في مصارفه الموقوف عليها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وأخذ منه ) أي : من الفتوى ( قوله وألحق بذلك ) أي بما خيف هلاكه في جواز البيع بدون ثمن له بل في وجوبه على مقتضى ما مر عن سم آنفا ( قوله والذي فسراها ) أي : فسر الشيخان الغبطة به ما مر وهو قوله كثقل خراجه إلخ ا هـ كردي ( قوله وضابط ) إلى قوله بل بحث في المغني وإلى المتن في النهاية إلا أنها لم ترض ببحث التوشيح ( قوله تلك الزيادة ) أي : السابقة في تفسير الغبطة الظاهرة ا هـ رشيدي أي : بقوله م ر كبيعه بزيادة على ثمن مثله وهو يجد مثله ببعضه أو خيرا منه بكله عبارة الكردي أي : الزيادة المفهومة من قوله بأكثر من ثمن مثله ا هـ وعبارة سم عبارة كنز الأستاذ عقب قول المصنف أو غبطة ظاهرة بأن يرغب فيه بأكثر من ثمن المثل بزيادة لا يستهين العقلاء إلخ ا هـ ومآل هذه العبارات الثلاث واحد .

                                                                                                                              ( قوله وألحق به إلخ ) أي : بالعقار في أنها لا تباع إلا لحاجة أو غبطة ظاهرة ( قوله من صفر ) اسم للنحاس ا هـع ش وهو تفسير مراد وإلا فالصفر اسم نوع من النحاس يكون لونه أصفر .

                                                                                                                              ( قوله وبقية أمواله ) أي : ما عدا العقار وأواني القنية نهاية ومغني وفي سم قال في شرح المنهج أي : ما عدا مال التجارة انتهى وقضيته مخالفة بحث البالسي الآتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لا بد فيها إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله أيضا ) أي : كالعقار والأواني .

                                                                                                                              ( قوله حاجة يسيرة إلخ ) نشر على ترتيب اللف ( قوله وربح قليل ) لائق بخلافهما أي العقار والأواني وهو أوجه مما بحثه في التوشيح من جواز إلخ ا هـ نهاية قال ع ش قوله في التوشيح لابن السبكي صاحب جمع الجوامع ا هـ .

                                                                                                                              أقول ما في التوشيح هو الأقرب ( قوله بل بحث إلخ ) عبارة المغني وينبغي كما قال ابن الملقن أنه يجوز بيع أموال التجارة من غير تقييد بشيء بل لو رأى البيع إلخ كما قاله بعض المتأخرين وعبارة النهاية وبحث البالسي جواز بيع مال تجارته بدون رأس المال ليشتري إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وجزء منه ) عبارة النهاية أو جزء إلخ بأو بدل الواو ( قوله وصبغ إلخ ) ( وقوله وتقطيعها ) أي : الثياب ( وقوله وكل إلخ ) أي : فعل كل إلخ عطف على صوغ حلي ( قوله أو بقائه ) أي : بقاء النكاح إذا كانت متزوجة ( قوله سواء في ذلك ) أي : في الصوغ وما عطف عليه ( قوله فيقع ) أي : الشراء ( قوله فيه ) أي في الشراء ( قوله ويكون إلخ ) عطف على تكون ( قوله أحل ) أي : أو أخف شبهة ( قوله منه ) أي : من الطعام المخلوط [ ص: 183 ] ويسن للمسافرين خلط أزوادهم وإن تفاوت أكلهم حيث كان فيهم أهلية التبرع ا هـ نهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية