الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( القسم الثاني يجري بين المدعي وأجنبي فإن قال ) الأجنبي للمدعي ( وكلني المدعى عليه في الصلح ) معك عن العين التي ادعيت بها ببعضها أو بهذه العين أو بعشرة في ذمته ( وهو مقر لك ) بها ظاهرا أو باطنا أو وهي لك أو وأنا أعلم أنها لك فصالحني عنه له بذلك فصالحه ( صح ) الصلح عن الموكل ؛ لأن قول الإنسان في دعوى الوكالة مقبول في جميع المعاملات ثم إن صدق في أنه وكيل صارت ملكا لموكله وإلا فهو شراء فضولي وأما الدين فلا يصح الصلح عنه بدين ثابت قبل ذلك ويصح بغيره [ ص: 196 ] ولو بلا إذن إن قال الأجنبي ما ذكر أو قال عند عدم الإذن وهو مبطل في عدم إقراره فصالحني عنه بكذا ؛ إذ لا يتعذر قضاء دين الغير بغير إذنه وأما لو لم يقل وكلني فلا يصح الصلح في العين لتعذر تمليك الغير عينا بغير إذنه وكذا لو لم يقل وهي لك ولا وهو مقر وإن قال هو مبطل في عدم إقراره ؛ لأنه صلح على إنكار حينئذ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو وهي لك أو وأنا أعلم أنها لك ) انظر لم كان [ ص: 196 ] الصلح مع ذلك صلحا على إقرار حتى صح إلا أن يقال إقرار الوكيل مع عدم ثبوت إنكار الموكل ولا ما يدل على إنكاره قائم مقام ثبوت إقراره ( قوله عند عدم الإذن ) مفهومه أن ذلك لا يكفي عنه الإذن وهو نظير ما يأتي في العين بقوله وإن قال وهو مبطل في عدم إقراره فليحرر وقد يقال إنما قيد بعدم الإذن ؛ لأنه لا حاجة لذلك عند الإذن ؛ لأن الإذن يتضمن الإقرار وهو بمنزلته .

                                                                                                                              ( قوله فلا يصح الصلح في العين ) ظاهره وإن قال وهو مبطل في عدم إقراره وهو خلاف ما تقدم في نظيره من الدين بقوله أو قال عند عدم الإذن إلخ والفرق ظاهر من قوله لتعذر إلخ مع قوله السابق ؛ إذ لا يتعذر إلخ فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله عن العين التي ) إلى قوله أما الدين في النهاية والمغني إلا قوله أو وهي لك ( قوله أو بهذه العين ) أي : التي للمدعى عليه ( قوله أو باطنا ) عبارة النهاية والمغني أو فيما بيني وبينه ولم يظهره خوفا من أخذ المالك له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو وهي لك أو وأنا أعلم أنها لك ) انظر لم كان الصلح مع ذلك صلحا على إقرار حتى صح إلا أن يقال إقرار الوكيل مع عدم ثبوت إنكار الموكل ولا ما يدل على إنكاره قائم مقام إقراره ا هـ سم وقوله مع ذلك أي مع قول المذكور وليس فيه تعرض للإقرار ( قوله عنه ) كان الأولى التأنيث قول المتن ( صح ) محله كما قال الإمام والغزالي إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة فإن أعاده كان عزلا فلا يصح الصلح عنه نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر فإن أعاده إلخ أي : لغير غرض أخذا مما يأتي في الوكالة من أن إنكار التوكيل يكون عزلا إن لم يكن له غرض في الإنكار ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله شراء فضولي ) أي : وقد مر أنه باطل في الجديد ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أما الدين إلخ ) يعني أن كلام المصنف مفروض في العين وأما الدين فلا يصح الصلح أي : صلح الأجنبي بدين ثابت على الموكل أو الوكيل قبل ذلك الصلح ويصح بغيره أي : بالعين وبالدين الذي يثبت بالصلح للمدعي على الأجنبي أو موكله ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله أما الدين ) إلى المتن في شرح المنهج ( قوله بدين ثابت إلخ ) أي للمدعى عليه على الأجنبي الوكيل أو على شخص آخر بأن يقول الأجنبي الوكيل للمدعي صالحني من الدين الذي تدعيه على غريمك بدينه الذي علي أو على فلان ( قوله ويصح بغيره ) أي بغير دين ثابت قبل الصلح بأن يصالح على عين من ماله أي : الوكيل أو الموكل أو على دين يثبت [ ص: 196 ] بسبب الصلح في ذمته ا هـ بجيرمي ( قوله ولو بلا إذن ) أي للأجنبي في الصلح أي وإن قال لم يأذن لي ا هـ حلبي ( قوله إن قال الأجنبي ) أي : في صورتي الإذن وعدمه ( وقوله ما ذكر ) أي : وهو مقر لك بها إلخ وليس المراد به وكلني المدعى عليه في الصلح إلخ لقوله ولو بلا إذن ؛ لأنه ينافيه وقوله أو قال إلخ الحاصل أنه إن أذن له في الصلح صح إن قال وهو مقر لك أو نحوه وإن لم يأذن له فيه صح إن قال ذلك أو قال هو مبطل وهذا ظاهر وقد وقع في بعض الأوهام فهم هذا المقام على غير ذلك كذا في البجيرمي عن الحلبي والشوبري .

                                                                                                                              ( قوله عند عدم الإذن إلخ ) مفهومه أن ذلك لا يكفي عند الإذن والحال هو نظير ما يأتي في العين بقوله وإن قال وهو مبطل في عدم إقراره فليحرر وقد يقال إنما قيد بعدم الإذن ؛ لأنه لا حاجة لذلك عند الإذن ؛ لأن الإذن يتضمن الإقرار ا هـ سم وقوله والحال هو نظير ما يأتي إلخ فيه أن كلام الشارح هناك صريح في عدم كفاية ذلك في العين مع الإذن كما هنا فما معنى التوقف وطلب التحرير وقوله : لأن الإذن يتضمن الإقرار يمنعه قول الشارح الآتي وكذا لو لم يقل إلخ المراد به الاقتصار على الإذن كما صرح به النهاية والمغني فالإشكال على حاله إلا أن يفرق بين صلح الأجنبي على الإنكار عن الدين وصلحه عن العين عبارة المغني ويرد على إطلاق اعتبار الإقرار ما لو قال الأجنبي وكلني في المصالحة لقطع الخصومة وأنا أعلم أنه لك فإنه يصح الصلح عند الماوردي وجزم به في التنبيه وأقره في التصحيح ولو قال هو منكر غير أنه مبطل فصالحني له على عبدي لينقطع الخصومة بينكما وكان المدعى دينا فإن المذهب صحة الصلح وإن كان المدعى عينا لم يصح على الأصح ، والفرق أنه لا يمكن تمليك الغير عين مال بغير إذنه ويمكن قضاء دينه ولو صالح الوكيل عن الموكل على عين من مال نفسه أي الوكيل أو على دين في ذمته بإذنه صح العقد ووقع للآذن ويرجع المأذون عليه بالمثل في المثلي والقيمة في المتقوم ؛ لأن المدفوع قرض لا هبة ا هـ .

                                                                                                                              وفي النهاية نحوها وقوله ولو قال إلى قوله ولو صالح صريح في الفرق المذكور على هذا ففي كلام الشارح احتباك حيث اقتصر في تعليل عدم الصحة في العين فيما إذا لم يقل وكلني إلخ على تعذر التمليك وفيما إذا لم يقل وهي لك إلخ على الإنكار مع أن كلا منهما موجود في الصورتين .

                                                                                                                              ( قوله بكذا ) أي : من مال الوكيل ( قوله وأما لو لم يقل إلخ ) .

                                                                                                                              ( تنبيه ) يرد على اعتبار المصنف التوكيل ما لو قال الأجنبي صالحني عن الألف الذي لك على فلان علي خمسمائة فإنه يصح سواء كان بإذنه أم لا ؛ لأن قضاء دين غيره بغير إذنه جائز قاله في زيادة الروضة ا هـ مغني وعلم به مع ما مر عنه آنفا أن صلح الأجنبي عن الدين لا يعتبر فيه الإقرار ولا التوكيل .

                                                                                                                              ( قوله في العين ) أي : وقد تقدم تفصيل في الدين آنفا بقوله وأما الدين إلخ عبارة المغني والنهاية وخرج بقول المصنف وكلني إلخ ما لو تركه وهو شراء فضولي فلا يصح كما مر وبقوله وهو مقر لك ما لو اقتصر على وكلني في مصالحتك فلا يصح ولو كان المدعى دينا فقال الأجنبي وكلني المدعى عليه بمصالحتك على نصفه أو ثوبه فصالحه صح كما لو كان المدعى عينا أو على ثوبي هذا لم يصح ؛ لأنه بيع شيء بدين غيره وهذا هو المعتمد كما جزم به ابن المقري تبعا للمصنف خلافا للزركشي ومن تبعه من التسوية بين الدين والعين ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية