الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا اشترى الوكيل ) بعين ، أو في الذمة ( طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل ) لتعلق أحكام العقد به وله مطالبة الموكل أيضا ؛ لأنه المالك ( وإلا ) يكن دفعه إليه ( فلا ) يطالبه إن كان الثمن معينا ؛ لأنه ليس في يده وحق البائع مقصور عليه ( وإن كان ) الثمن ( في الذمة طالبه ) وحده به ( إن أنكر وكالته ، أو قال لا أعلمها ) لأن الظاهر أنه يشتري لنفسه ( وإن اعترف بها طالبه ) به ( أيضا في الأصح ) وإن لم يضع يده عليه ( كما يطالب الموكل ويكون الوكيل كضامن ) لمباشرته العقد ( والموكل كأصيل ) لأنه المالك ومن ثم رجع عليه الوكيل إذا غرم ، ولوأرسل من يقترض له فاقترض فهو كوكيل المشتري على المعتمد خلافا لما يصرح به كلام الرافعي في تعجيل الزكاة فيطالب وإذا غرم رجع على موكله .

                                                                                                                              ( تنبيه ) ذكر القاضي وغيره واعتمده الأنوار وغيره ما يخالف ما تقرر من الرجوع على الوكيل ، وحاصله مع الزيادة عليه أن زيدا لو قال لغيره أعط عمرا مائة قرضا علي ليدفعه في ديني كذا في عبارة ، وفي أخرى ادفع مائة قرضا علي إلى وكيلي فلان ، والظاهر أن ليدفعه في ديني في الأول وإلى وكيلي فلان في الثانية مجرد تصوير فيكفي ادفع مائة قرضا علي لفلان فدفع إليه ، وفي عبارة فدفع إليه وقال خذه قرضا على زيد فأخذه وظاهر أيضا أن وقال خذه إلى آخره مجرد تصوير أيضا ثم مات زيد لم يرده عملا وللدافع أي ؛ لأن زيدا ملكه بقبض وكيله عمرو ، بل لورثة زيد وإلا ضمنه لهم ويتعلق حق الدافع بجميع تركة زيد ؛ لأنه من جملة الديون المتعلقة بها ، وليس للدافع مطالبة الآخذ ؛ لأنه لم يأخذ لنفسه وإنما هو وكيل عن الآمر المنتهي بموته وكالة الآخذ ولذا رد على الورثة كما تقرر . ا هـ .

                                                                                                                              فقولهم : وليس للدافع مطالبة الآخذ مشكل بما تقرر أولا أن الرسول يطالب ولا نظر لانعزاله بالموت ؛ لأن الوكيل يطالب ، ولو بعد الانعزال كما يصرح به كلامهم وحينئذ فلك في الجواب طريقان [ ص: 336 ] إحداهما أن هذا أعني قول هؤلاء : وليس إلى آخره مبني على ما ذكر عن الرافعي ثانيتهما الفرق بما يصرح به تصويرهم لما هنا بأنه وكله في تعاطي عقد القرض فكان كتعاطي عقد الشراء في المطالبة للوكيل ؛ لأنها من جملة أحكام العقد وقد تقرر أن أحكامه تتعلق بالوكيل ، وإن انعزل ولما هناك بأنه لم يتعاط عقدا وإنما الذي حصل منه مجرد الأخذ ، وهو لا يقتضي المطالبة لغير مالك المأخوذ ؛ لأنها إنما ثبتت ثم من جهة كونها من آثار العقد الذي تعاطاه كما تقرر وهنا لم يتعاط عقدا فلم يوجد سبب للمطالبة وهذه الطريق أقرب إلى كلامهم في البابين ومن ثم أشار إليها الجلال المحقق البلقيني كما ذكرته في شرح العباب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فلا يطالبه ) في عدم المطالبة نظر حيث أنكر وكالته وإن المعين ليس له ، بل الوجه المطالبة حينئذ .

                                                                                                                              ( قوله في المتن إن كان الثمن معينا ) ظاهره ، وإن أنكر وكالته بدليل التفصيل فيما بعده وفيه نظر ( قوله في المتن كما يطالب الموكل ) قال في شرح الروض والظاهر أن له ذلك أي مطالبة الموكل ، وإن أمره الموكل بالشراء بعين ما دفعه إليه بأن يأخذه من الوكيل ويسلمه للبائع . انتهى . ( قوله في المتن ويكون الوكيل كضامن ) قال في شرح الروض ، فلا يرجع عليه الوكيل إلا بعد غرمه وبعد إذنه له في الأداء إن دفع إليه ما يشتري به وأمره بتسليمه في الثمن وإلا فالوكالة تكفي عن الإذن . انتهى .

                                                                                                                              وحاصله أنه إن لم يدفع إليه شيئا رجع ؛ لأن الوكالة تتضمن الإذن ، وإن دفع فإن لم يأمره بتسليمه فكذلك وإلا لم يرجع إلا إن أذن له في الأداء على [ ص: 336 ] المعتمد الذي جزم به في الروض من الرجوع على الوكيل أي مطالبته



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وله مطالبة الموكل ) بأن يأخذه من الوكيل ويسلمه للبائع شرح الروض . ا هـ . سم على حج . ا هـ . ع ش ( قوله : فلا يطالبه . إلخ ) في عدم المطالبة نظر حيث أنكر وكالته وأن المعين ليس له ، بل الوجه المطالبة حينئذ سم على حج . ا هـ . ع ش قول المتن ( إن كان الثمن معينا ) ظاهره ، وإن أنكر وكالته بدليل التفصيل فيما بعده وفيه نظر سم على حج ا هـ ع ش ورشيدي قول المتن ( إن أنكر ) أي البائع . ا هـ . ع ش ( قوله وإن لم يضع يده ) أي الوكيل ( عليه ) أي الثمن ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل أنه يكون الوكيل كضامن . إلخ ( قوله : رجع عليه الوكيل . إلخ ) قال في شرح الروض ، فلا يرجع عليه الوكيل إلا بعد غرمه وبعد إذنه له في الأداء إن دفع إليه ما يشتري به وأمره بتسليمه في الثمن وإلا فالوكالة تكفي عن الإذن . ا هـ . وحاصله أنه إن لم يدفع إليه شيئا رجع ؛ لأن الوكالة تتضمن الإذن ، وإن دفع فإن لم يأمره بتسليمه فكذلك وإلا لم يرجع إلا أنه أذن له في الأداء على المعتمد الذي جزم به الروض سم على حج .

                                                                                                                              ( فرع ) لو أرسل إلى بزاز ليأخذ منه ثوبا سوما فتلف في الطريق ضمنه المرسل لا الرسول ا هـ عب ويؤخذ منه جواب حادثة سئل عنها وهي أن رجلا أرسل إلى آخر جرة ليأخذ فيها عسلا فملأها ودفعها للرسول ورجع بها فانكسرت منه في الطريق ، وهو أن الضمان على المرسل ومحله في المسألتين كما هو واضح حيث تلف الثوب والجرة بلا تقصير من الرسول وإلا فقرار الضمان عليه وينبغي أن يكون المرسل طريقا في الضمان . ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم بعد نقله الفرع المذكور عن العباب ما نصه وظاهره أن الرسول لا يكون طريقا أيضا ويصرح به قول الشارح الآتي في أوائل العارية وليس طريقا كوكيل السوم وليحرر الفرق بينه وبين وكيل المقترض وقد يفرق أخذا مما في التنبيه الآتي بأنه لم يوجد عقد هنا حتى يتعلق به أحكامه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أرسل ) إلى التنبيه في المغني إلا قوله على المعتمد إلى فيطالب ( قوله : فيطالب . إلخ ) تفريع على قوله فهو كوكيل المشتري والضمير المستتر للرسول ( قوله : والرجوع على الوكيل ) أي مطالبته . ا هـ . سم ( قوله : وحاصله ) أي حاصل ما ذكره القاضي . إلخ ( قوله : في الأولى ) أي في العبارة الأولى ( قوله وإلى وكيل فلان ) الأولى ووكيلي بحذف إلى ( قوله لفلان ) متعلق بادفع ( قوله : فدفع إليه ) تتمة لكل من العبارتين ( قوله : انتهى ) أي الحاصل ( قوله : في الجواب ) أي عن الإشكال المذكور ( قوله : - [ ص: 336 ] الفرق ) أي بين مسألة الإرسال ومسألة الأمر بالإعطاء ( قوله : على ما ذكر . إلخ ) أي المرجوح فالمبني عليه كذلك مرجوح ( قوله : لما هنا ) أي في مسألة إرسال من يقترض له ( قوله وكله ) أي الرسول ( قوله ولما هناك ) أي في مسألة الأمر بالدفع ( قوله : ثم ) أي في تعاطي عقد القرض و ( قوله : وهنا ) أي في مجرد الأخذ . ا هـ .

                                                                                                                              كردي ( قوله : في البابين ) أي باب الوكالة وباب القرض ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل أقربيتها ( أشار إليها ) أي إلى هذه الطريق و ( قوله : كما ذكرته ) أي إشارة الجلال إليها




                                                                                                                              الخدمات العلمية