الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) وقع خطب فيمن أتى بزوجته المعروفة النسب لقاض وأقر بأنها أخته فصدقته وأقرت بأنها لا حق لها عليه من جهة مورثهما فحكم عليها بذلك ، ثم بان أنها زوجته هل تحرم عليه ظاهرا فقط أو وباطنا أو لا ولا ، وقد ألفت في ذلك كتابا حافلا بينت فيه فساد هذه الإطلاقات وإن حاصل المنقول بل الصواب من ذلك أنها لا تحرم عليه بمجرد قوله لها أنت أو هذه أختي ولو زاد من أبي إلا إن قصد استلحاقها وهي ممن يمكن لحوقها بأبيه لو فرض جهل نسبها فإنه إن صدق باطنا حرمت عليه باطنا قطعا ، وكذا ظاهرا على خلاف فيه وأنه يتعين حمل إطلاق الحل فيهما على ما إذا قصد الكذب أو أخوة الإسلام أو أطلق والحرمة فيهما على ما إذا قصد الاستلحاق وصدق فيه والحل باطنا فقط على ما إذا قصده وكذب ( فإن كان بالغا ) عاقلا ( فكذبه ) أو سكت وأصر [ ص: 403 ] أو قال لا أعلم ( لم يثبت نسبه ) منه ( إلا ببينة ) أو يمين مردودة كسائر الحقوق ، ولو تصادقا ، ثم تراجعا لم يبطل النسب خلافا لابن أبي هريرة .

                                                                                                                              ( وإن استلحق صغيرا ) أو مجنونا ( ثبت ) نسبه منه بالشروط السابقة خلا التصديق لعسر إقامة البينة فيترتب عليه أحكام النسب ( فلو بلغ ) أو أفاق ( وكذبه لم يبطل ) استلحاقه له بتكذيبه ( في الأصح ) لأن النسب يحتاط له فلا يندفع بعد ثبوته ، ولو استلحق أباه المجنون لم يثبت نسبه حتى يفيق ويصدق ويفرق بينه وبين ما ذكر في الابن بأن استلحاق الأب على خلاف الأصل والقياس فاحتيط له أكثر ( ويصح أن يستلحق ميتا صغيرا ) ، ولو بعد أن قتله ، وإن نفاه بلعان أو غيره قبل موته أو بعده ولا يبالى بتهمة الإرث وسقوط القود لأن النسب يحتاط له ، ومن ثم ثبت بمجرد الإمكان ( وكذا كبير ) لم يسبق منه إنكار في حال تكليفه ( في الأصح ) لأن الميت لما تعذر تصديقه كان كالمجنون الكبير ( ويرثه ) أي المستلحق بكسر الحاء الميت الصغير والكبير لأن الإرث فرع النسب وقد ثبت ( ولو استلحق اثنان بالغا ) عاقلا ووجدت الشروط فيهما ما عدا التصديق ( ثبت ) نسبه ( لمن صدقه ) منهما لاجتماع الشروط فيه دون الآخر فإن صدقهما أو لم يصدق واحدا منهما كأن سكت عريض على القائف كما قالاه واعتراضا بأن استلحاق البالغ يعتبر فيه تصديقه ويرد بما يأتي أن قول القائف حكم فلا استلحاق هنا حتى يحتاج للتصديق ( وحكم الصغير ) الذي يستلحقه اثنان واستلحاق المرأة والعبد ( يأتي في اللقيط إن شاء الله تعالى ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والحرمة فيهما على ما إذا قصد الاستلحاق إلخ ) إن أراد أن الحرمة ظاهرا تتوقف على ثبوت قصد الاستلحاق فهو ممنوع منعا واضحا لأن المقر يؤاخذ بإقراره لحمله على استيفاء شرائطه ما لم يثبت خلافه وإن أراد أنها ثابتة للحمل على قصد الاستلحاق لأنه الظاهر .

                                                                                                                              [ ص: 403 ] من إطلاق الإقرار فلم يثبت ما ادعاه من تقييد إطلاق الحرمة ظاهرا . ( قوله في المتن والشرح إلا ببينة أو يمين مردودة ) ظاهره أنه لا يثبت بإلحاق القائف بخلاف سيأتي في قوله ولو استلحق اثنان بالغا ولعل السبب أن القائف إنما يعتبر عند المزاحمة ونحوها . ( قوله لم يثبت نسبه حتى يفيق إلخ ) الأوجه ثبوت نسبه مطلقا كما في استلحاق الابن المجنون كما هو مقتضى إطلاقهم فلا حاجة إلى تكلف فرق ( قوله لم يسبق منه إنكار إلخ ) صرح به الإرشاد . ( قوله أو لم يصدق واحدا منهما ) ظاهره وإن كذبهما واستشكله ابن شهبة . ( قوله في المتن يأتي في اللقيط إن شاء الله تعالى ) عبارة المصنف هناك ولو استلحق اللقيط حر مسلم لحقه وصار أولى بتربيته وإن استلحقه عبد لحقه وفي قول يشترط تصديق سيده ، وإن استلحقته امرأة لم يلحقها في الأصح أو اثنان لم يقدم مسلم وحر على عبد وذمي فإن لم يكن بينة عرض على القائف فيلحق من ألحقه به فإن لم يكن قائف أو تحير أو نفاه عنهما أو ألحقه بهما أمر بالانتساب بعد بلوغه إلى من يميل طبعه إليه منهما ، ولو أقاما بينتين متعارضتين سقطتا في الأظهر انتهى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو وباطنا ) الأولى حذف فقط والواو . ( قوله أو لا ولا ) أي لا تحرم لا ظاهرا و لا باطنا . ( قوله وإن حاصل إلخ ) عطف على فساد . ( قوله لو فرض إلخ ) الظاهر الأخصر وجهل نسبها . ( قوله فإنه إلخ ) تفصيل لقوله إلا إن قصد إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وأن يتعين ) عطف على قوله فساد هذه إلخ . ( قوله فيهما ) أي في الظاهر والباطن . ( قوله والحرمة ) أي وإطلاق الحرمة . ( قوله والحرمة فيهما على ما إلخ ) إن أراد أن الحرمة ظاهرا تتوقف على ثبوت قصد الاستلحاق فهو ممنوع منعا واضحا لأن المقر يؤاخذ بإقراره لحمله على استيفاء شرائطه ما لم يثبت خلافه وإن أراد أنها نابتة للحمل على قصد الاستلحاق لأنه الظاهر من إطلاق الإقرار فلم يثبت ما ادعاه من تقييد إطلاق الحرمة ظاهرا ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله والحل إلخ ) أي وإطلاق الحل وهلا زاد والحل ظاهرا فقط على ما إذا قصد أخوة الإسلام أو أطلق وهو يعتقد أخوة النسب . ( قوله أو سكت ) إلى قوله ولو استلحق في النهاية والمغني إلا قوله خلافا لابن أبي هريرة . ( قوله وأصر ) الأولى تأخيره عن قوله أو قال .

                                                                                                                              [ ص: 403 ] إلخ كما في النهاية . ( قوله إلا ببينة أو يمين مردودة ) ظاهره أنه لا يثبت بإلحاق القائف بخلاف ما سيأتي في قوله ولو استلحق اثنان بالغا ولعل السبب أن القائف إنما يعتبر عند المزاحمة ونحوها سم و ع ش . ( قوله أو مجنونا ) أي لم يسبق له عقل بعد بلوغه أخذا من قوله م ر الآتي والوجهان جاريان إلخ والأقرب أن المغمى عليه لا يصح استلحاقه بل ينتظر إفاقته نعم إن أيس من إفاقته كان حكمه حكم المجنون ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لعسر إقامة البينة ) عبارة المغني لأن إقامة البينة على النسب عسر والشارع قد اعتنى به وأثبته بالإمكان فكذلك أثبتناه بالاستلحاق إذا لم يكن المقر به أهلا للتصديق ا هـ . ( قوله لم يثبت نسبه إلخ ) خلافا للنهاية والمغني عبارة الثاني ولا فرق بين هذا أبي وهذا ابني كما أفاده شيخي ا هـ وعبارة سم الأوجه م ر ثبوت نسبه مطلقا كما في استلحاق الابن المجنون كما هو مقتضى إطلاقهم فلا حاجة إلى تكلف فرق ا هـ . ( قوله : ولو بعد ) إلى قول المتن وحكم الصغير في المغني إلا قوله لم يسبق إلى المتن ، وكذا في النهاية إلا قوله صدقهما . ( قوله وإن نفاه ) ( فرع ) الذمي إذا نفى ولده ، ثم أسلم لا يحكم بإسلام المنفي ولو مات هذا الولد وصرفنا ميراثه إلى أقاربه الكفار ، ثم استلحقه النافي حكم بالنسب ويتبين أنه صار مسلما بإسلامه ويسترد ميراثه من ورثته الكفار انتهى م ر وخطيب والأقرب أنه إن لم يكن غسل وجب نبشه ما لم يتهر لغسله والصلاة عليه ونقله إلى مقابر المسلمين ، وإن كان غسل يصلى عليه في القبر ولا ينبش لدفته في مقابر المسلمين حفظا له عن انتهاك حرمته بالنبش ا هـ ع ش قول المتن ( وكذا كبير ) في نسخ المحلي من المتن كثيرا بالنصب ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله لم يسبق منه إنكار إلخ ) صرح به الإرشاد ا هـ سم قول المتن ( في الأصح ) والوجهان جاريان فيمن جن بعد بلوغه عاقلا ولم يمت لأنه سبق له حالة يعتبر فيها تصديقه وليس الآن من أهل التصديق نهاية ومغني ( قوله أي المستلحق ) تفسير للضمير المستتر و . ( قوله الميت إلخ ) للبارز قول المتن ( لمن صدقه ) بقي ما لو صدق أحدهما وأقام الآخر بينة هل يعمل بالأول أو بالثاني فيه نظر والأقرب الثاني ا هـ ع ش ( قوله أو لم يصدق واحد منهما إلخ ) ظاهره وإن كذبهما واستشكله ابن شهبة ا هـ سم عبارة البجيرمي على شرح منهج قوله فإن لم يصدق واحد منهما هذا يصدق بما إذا كذبهما مع أنه لا يعرض على القائف حينئذ فيحمل كلامه على ما إذا سكت كما في م ر وعبارته فلو لم يصدق واحد منهما بأن سكت عرض إلخ ا هـ وعبارة ع ش قوله بأن سكت بقي ما لو كذبهما معا وقضيته أنه لا يعرض على القائف وهو ظاهر لكن عبارة حج تشمل التكذيب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واستلحاق المرأة إلخ ) من إضافة المصدر إلى فاعله قول المتن ( يأتي في اللقيط ) سرد سم هنا عبارته التي هناك . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية