الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غدر نيزك وفتح الطالقان

قيل : لما رجع قتيبة من بخارى ومعه نيزك وقد خاف لما يرى من الفتوح ، فقال لأصحابه : أنا مع هذا ، ولست آمنه ، فلو استأذنته ورجعت كان الرأي . قالوا : افعل . فاستأذن قتيبة ، فأذن له وهو بآمل ، فرجع طخارستان ، وأسرع السير حتى أتى النوبهار ، فنزل يصلي فيه ويتبرك به ، وقال لأصحابه : لا أشك أن قتيبة قد ندم على إذنه لي ، وسيبعث إلى المغيرة بن عبد الله يأمره بحبسي .

وندم قتيبة على إذنه له ، فأرسل إلى المغيرة يأمره بحبس نيزك ، وسار نيزك وتبعه المغيرة ، فوجده قد دخل شعب خلم ، فرجع المغيرة ، وأظهر نيزك الخلع وكتب إلى أصبهبذ بلخ ، وإلى باذان ملك مرو الروذ ، وإلى ملك الطالقان ، وإلى ملك الفارياب ، وإلى ملك الجوزجان ، أن يدعوهم إلى خلع قتيبة ، فأجابوه ، فواعدهم الربيع أن يجتمعوا [ ص: 25 ] ويغزوا قتيبة ، وكتب إلى كابل شاه يستظهر به ، وبعث إليه بثقله وماله ، وسأله أن يأذن له إن اضطر إليه أن يأتيه ، فأجابه إلى ذلك .

وكان جبغويه ملك طخارستان ضعيفا ، فأخذه نيزك فقيده بقيد من ذهب لئلا يخالف عليه ، وكان جبغويه هو الملك ، ونيزك عبده ، فاستوثق منه وأخرج عامل قتيبة من بلاد جبغويه . وبلغ قتيبة خلعه قبل الشتاء وقد تفرق الجند ، فبعث أخاه عبد الرحمن بن مسلم في اثني عشر ألفا إلى البروقان ، وقال : أقم بها ولا تحدث شيئا ، فإذا انقضى الشتاء سر نحو طخارستان ، واعلم أني قريب منك .

فسار ، فلما كان آخر الشتاء كتب قتيبة إلى نيسابور وغيرها من البلاد ليقدم عليه الجنود ، فقدموا قبل أوانهم ، فسار نحو الطالقان ، وكان ملكها قد خلع وطابق نيزك على الخلع ، فأتاه قتيبة فأوقع بأهل الطالقان ، فقتل من أهلها مقتلة عظيمة ، وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في نظام واحد ، ثم انقضت السنة قبل محاربة نيزك ، وسنذكر تمام خبره سنة إحدى وتسعين إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية