الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ومن أحيا ) مما يجوز إحياؤه ( ولو ) كان الإحياء ( بلا إذن الإمام أو ) كان المحيي ( ذميا مواتا سوى موات الحرم وعرفات ، و ) سوى ( ما أحياه مسلم من أرض كفار صولحوا على أنها ) أي : الأرض ( لهم ولنا الخراج عنها ، و ) سوى ( ما قرب من العامر ) عرفا ( وتعلق بمصالحه كطرقه وفنائه ومسيل مائه ومرعاه ومحتطبه وحريمه ونحو ذلك ) كمدفن موتاه ومطرح ترابه ( ملكه ) جواب " من " ، أما كون الإحياء لا يفتقر إلى إذن الإمام فلعموم الحديث ، ولأن [ ص: 364 ] الموات عين مباحة فلم يفتقر تملكها إلى إذن الإمام ، كأخذ المباح . وأما كون الذمي فيه كالمسلم فلعموم الخبر ، ولأنه من أهل دار الإسلام فملك بالإحياء كالشراء وكتملكه مباحاتها من حشيش وحطب وغيرهما . وأما منع الإحياء في موات الحرم وعرفات ، فلما فيه من التضييق على الحجاج واختصاصه بما يستوي فيه الناس . وأما منع المسلم من الإحياء بأرض كفار صولحوا على أنها لهم فلأنهم صولحوا في بلادهم فلا يجوز التعرض لشيء منها عامرا كان أو مواتا لتبعية الموات للبلد ، بخلاف دار الحرب فإنها على أصل الإباحة . وأما منع الإحياء فيما قرب من العامر وتعلق بمصالحه فلمفهوم حديث { من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له } ولأنه تابع للملوك فأعطي حكمه ويملكه محيه ( بما فيه من معدن جامد ) باطن ( كذهب وفضة وحديد ) ونحاس ورصاص ( و ) من معدن جامد ( ظاهر كجص وكحل ) وكبريت وزرنيخ ، لأنه من أجزاء الأرض فتبعها في الملك كما لو اشتراها ، بخلاف الركاز ; لأنه مودع فيها للنقل وليس من أجزائها . وهذا في المعدن الظاهر إذا ظهر بإظهاره أو حفره . وأما ما كان ظاهرا فيها قبل إحيائها فلا يملك ; لأنه قطع لنفع كان واصلا للمسلمين ، بخلاف ما ظهر بإظهاره فلم يقطع عنهم شيئا ( وعلى ذمي خراج ما أحيا من موات عنوة ) ; لأنها للمسلمين فلا تقر في يد غيرهم بدون خراج . وأما غير العنوة كأرض الصلح وما أسلم أهله عليه فالذمي فيه كالمسلم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية