الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما صفة الأكفان فيختار أن تكون بيضا ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم " . وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول [ ص: 21 ] الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض رياط سحولية ، فالرياط هي الأزر البيض الخفاف التي لا فق فيها ولا خياطة ، والسحولية المنسوبة إلى قرية من قرى اليمن يقال لها سحول ، ويختار أن تكون الثياب البياض جددا ليس فيها قميص ولا عمامة ، واختار مالك العمامة للميت رجلا كانت أو امرأة ، واختار أبو حنيفة القميص .

                                                                                                                                            فأما مالك فإنه عول على أنه فعل أهل المدينة وأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عمم في كفنه .

                                                                                                                                            وأما أبو حنيفة فإنه استدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كفن في قميص ، ولأنه أجمل زي الأحياء فاقتضى أن يكون ذلك سنة في الموتى كالإزار .

                                                                                                                                            وكلا المذهبين غير صحيح ، لرواية عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة " ولأنه ملبوس منع منه المحرم فوجب أن يمنع منه الميت كالسراويل ، فأما تعميم علي عليه السلام فغير صحيح ، وإنما كانت عصابة شد بها رأسه لأجل الضربة التي كانت به ، وأما ما روي أنه كفن في قميص فأما الرواية أنه غسل في قميص ؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت بخلافه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية