مسألة : قال الشافعي : " وإذا مشى حتى يحل له النساء ثم يركب ، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين نذر الحج ماشيا الصفا والمروة ويحلق أو يقصر " .
[ ص: 473 ] قال الماوردي : وهذا النذر في الحج ماشيا موافق لنذره أن يمشي إلى بيت الله من وجهين ، ومفارق له من وجهين .
فأما ما يوافقه من الوجهين :
فأحدهما : اشتراكهما في وجوب المشي فيهما ، وسقوطه ، وفيه وجهان وأما ما يفارقه فيه من الوجهين :
فأحدهما : أنه إذا نذر الحج ماشيا ؛ تعين نذره في الحج ، ولم يكن له خيار في العمرة ، وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ، لم يتعين نذره في واحد منهما ، وكان له الخيار في الإحرام بحج أو عمرة .
والثاني : يفترقان في أول المشي وآخره ، فإذا نذر أن يحج ماشيا كان آخر المشي متفقا عليه وأوله مختلفا فيه .
وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله كان أول المشي متفقا عليه ، وآخره مختلفا فيه ، فإذا نذر أن يحج ماشيا ففي أول ما يجب عليه من المشي وجهان :
أحدهما : من بلده إذا توجه منه لحجه اعتبارا بالعرف في حج الماشي فعلى هذا يلزمه الإحرام به من بلده .
والوجه الثاني : يلزمه المشي من ميقاته اعتبارا بأول أفعال الحج وأركانه .
فعلى هذا يحرم به من ميقاته وآخر مشيه إذا حل إحلاله الثاني الذي يستبيح به جميع ما حظره الإحرام ، وفي إحلاله الثاني قولان :
أحدهما : بثلاثة أشياء : الرمي ، والحلق ، والطواف ، إن قيل : إن الحلق نسك .
والقول الثاني : أنه بشيئين : الرمي ، والطواف ، إن قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر .
ويجوز له أن يركب في أيام منى وإن كان الرمي فيها باقيا عليه ؛ لأنه يرميها بعد خروجه من حجه .
وإذا نذر المشي إلى بيت الله كان أول مشيه من بلده إذا توجه ، وفي آخره ثلاثة أوجه :
أحدها : إذا وصل إلى البيت اعتبارا بلفظ نذره .
والثاني : إذا طاف بالبيت طواف القدوم اعتبارا بأول قربة .
والثالث : إذا حل إحلاله الثاني اعتبارا بكمال نسكه ، فإن ركب في مشيه المستحق كان [ ص: 474 ] في الفدية على ما مضى ، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا كان في أول مشيه وجهان كما ذكرنا في الحج :
أحدهما : من بلده ، ويحرم منه بعمرة .
والوجه الثاني : من ميقاته ويحرم منه بعمرته ، وآخر مشيه إذا أحل من عمرته ، وفيما يتحلل به منهما قولان :
أحدهما : بالطواف ، والسعي ، والحلق ، إن قيل إن الحلق نسك .
والثاني : بالطواف ، والسعي ، إن قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر .