الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا كان على السطح تحجيز ، فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون غير مانع كالقصب ، وما ضعف من الخشب ، فلا يحنث بارتقائه عليه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون مانعا ببناء يمتنع بمثله ، ويتحرز من بناء أو خشب وثيق ، فقد اختلف أصحابنا في حنثه بارتقائه عليه على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : يحنث ويشبه أن يكون قول أبي إسحاق المروزي ؛ لأن إحاطة السطح بالدار تحجز عما فوقه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحنث ، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ؛ لأن السترة محيطة بالدار ، فأشبهت السور .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : وهو طريقة أبي الغياض ، إن كانت السترة عالية يحجز مثلها ، لو كان في العرصة حنث ، وإن كانت السترة قصيرة لا يحجز مثلها ، لو كان في العرصة ، لم يحنث ، ولو كان في السطح غرفة فدخلها يحنث ، ولو نزل من السطح إلى مرقاة من درجتها الداخلة فيها ، حنث . ولو صعد من درج الدار إلى سطحها ، والدرجة خارج الدار معقودة ، أو غير معقودة ، فإن لم تدخل في سور الدار ، لم يحنث ، وإن دخلت في سور الدار ، حتى تجاوزته في الدخول حنث ، وإن لم تتجاوز حد السور لم يحنث ، [ ص: 349 ] وإن رقي على شجرة خارج الدار ، وأغصانها في الدار ، وعدل عن أغصانها الداخلة لم يحنث ، وإن صار فوق أغصانها الداخلة نظر فيها ، فإن كانت الأغصان فوق السطح ، لم يحنث ، وإن كانت دون السطح حنث ، ولو جلس خارج الدار في ماء يجري إلى الدار ، فحمله الماء إليها حنث ، وصار الماء كالدابة ، إذا ركبها فأدخلته الدار حنث ؛ لأنه يصير بهما داخلا إلى الدار ، ولو رقي على سورها فألقته الريح إليها لم يحنث ، إن بادر بالخروج منها ؛ لأن دخولها من غير فعله ، ولو أدخل إحدى رجليه من باب الدار دون الأخرى ، لم يحنث ؛ لأن الدخول لم يكمل ، ولو ثقب حائط الدار ، ودخل إليها من ثقبها ، حنث ، إلا أن يكون له نية أن لا يدخلها من بابها ، فيحمل على ما نواه ، ولا يحنث بالدخول من غير الباب . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية