الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولو أن مضحيين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحا وأجزأ عن كل واحد منهما ضحيته وهديه .

                                                                                                                                            قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن يذبح رجل أضحية غيره بغير أمره ، فمذهب الشافعي أن ذبحها يجزئ عن قربة صاحبها يسلك بها بعده مسلك الضحايا ، ويكون الذابح ضامنا لنقصان ذبحها .

                                                                                                                                            وقال مالك : لا يجزئه ذبح غيره ويكون لحما ، وعليه أن يضحي بعدها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : تجزئه عن أضحيته ولا يرجع على الذابح نقصان ذبحه ، وبه قال أبو ثور والذي أراه أولى من هذا الإطلاق في الضمان أن ينظر في زمان الذبح فإن كان [ ص: 113 ] متسعا ضمن الذابح ، لأنه لم يتعين ذبحها في وقته ببقائه بعد ذبحه ، وإن ضاق حتى لم يبق منه إلا زمان الذبح لم يضمن الذابح ، لأنه قد تعين ذبحها في وقته ، فأما مالك فاحتج بأن الذبح قربة كالتفرقة ثم ثبت أنه لو فرقها غيره لم يجزه كذلك إذا ذبحها غيره لم تجزه .

                                                                                                                                            ودليلنا : أن مقصود الأضحية إيجابها في حق المالك وتفرقتها في حق المساكين والذبح تبع لهما يتوصل به إلى المقصود في حق كل واحد منهما ، وقد وجد المقصود أن يذبح الغير فلم يمنع من الإجزاء .

                                                                                                                                            ولأن الذبح لا يفتقر إلى نية وقصد ، لأنه لو ذبحها المالك سهوا أجزأت كذلك إذا ذبحها غيره عند عدم قصده وفي هذين انفصال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية