الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن كان الصيدان في جهتين ، فأرسل إلى إحداهما ، فعدل إلى الآخر ، فله في اختلاف الجهات أسماء يقال : صيد سانح إذا كان عن يسار الرامي ، وهو أمكن ، وصيد بارح إذا كان عن يمين الرامي وهو أشق ، وصيد قعيد إذا كان مقابل الرامي فإذا أرسل على صيد في جهة ، فعدل إلى غير من جهة أخرى ، فلا يخلو أن يكون سلاحا أو جارحا ، فإن كان سلاحا خرج عن يده من سهم رماه أو سيف ألقاه ، فعدل السهم أو السيف عن تلك الجهة إلى غيرها إما لريح اعترضته أو لخطأ كان منه ، فالصيد مأكول : لأنه منسوب إلى فعله ، وإن أخطأ في قصده ، وخطأ المذكي لا يمنع من إباحة ذكاته ، كما لو أراد شاة فذبح غيرها .

                                                                                                                                            وإن كان ذلك جارحا من كلب أرسله إلى جهة ، فعدل إلى غيرها ، فقد حكى أبو حامد الإسفراييني في إباحته وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مباح الأكل كالسهم ، ونسبه إلى قول أبي إسحاق المروزي ، ولم أره في شرحه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يؤكل ، وفرق بين الكلب والسهم : لأن للكلب اختيارا ينصرف به ، وأصح عندي من هذين الوجهين أن يراعى مخرج الكلب عند إرساله ، فإن خرج عادلا عن جهة إرساله إلى غيرها لم يؤكل صيده منها ، وإن خرج إلى جهة إرساله ففاته صيدها ، فعدل إلى غيرها ، وأخذ صيدها أكل : لأنه على الصفة الأولى مخالف ، فصار مسترسلا وعلى الصفة الثانية موافق ، وكان مرسلا ، وهذا أدل على فراهته : لئلا يرجع خليا إلى مرسله . ألا ترى أن الصيد له عدل عن جهة إلى غيرها ، فعدل الكلب إليها حتى أخذه حل : كذلك إذا أخذ غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية