الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " ولو أرسل كلبه أو سهمه وسمى الله تعالى وهو يرى صيدا فأصاب غيره ، فلا بأس بأكله من قبل أنه رأى صيدا ونواه ، وإن أصاب غيره " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا رأى صيدا ، فأرسل عليه كلبا أو سهما ، فأصاب غيره ، وقتله ، فلا يخلو من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن يكون الصيدان في جهة واحدة ، أو في جهتين ، فإن كانا في جهة واحدة حل أكله ، وإن كان غير ما أرسل عليه سواء كان الصيد المصاب موجودا عند الإرسال أو معرضا بعده ، وبه قال أبو حنيفة والأكثرون .

                                                                                                                                            وقال مالك : هو حرام : لأنه أصاب غير ما أرسل عليه ، فصار والكلب فيه المسترسل من غير إرسال .

                                                                                                                                            ودليلنا : قول الله تعالى : فكلوا مما أمسكن عليكم [ المائدة : 4 ] فكان على عمومه : ولأن تعين الصيد في الإرسال لا يلزم ، ألا تراه لو أرسله على واحد من جماعة جاز ، وأيها صار حل : لأن تعليمه على معين منها غير ممكن ، وإذا سقط التعيين حل [ ص: 19 ] غير المعين : ولأن ذكاة المقدور عليه أغلظ ، وقد ثبت أن المذكي لو أراد شاة ، فذبح غيرها حلت ، فكان الصيد الممتنع إذا أرسل عليه كلبه ، فصار غيره أولى أن يحل : ولأنه لو أرسل على صيد كبير ، فهرب ، وكان معه ولد صغير وأخذه الكلب حل بوفاق مالك ، فإذا كان كبيرا فأولى أن يحل : لأنه أمنع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية