مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجب عليه صوم شهر رمضان حتى يستيقن أن الهلال قد كان ، أو يستكمل شعبان ثلاثين ، فيعلم أن الحادي والثلاثين من رمضان ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تصوموا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما " .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
أمر الله تعالى بصيام شهر رمضان ، إذا علم دخوله ، والعلم بدخوله يكون بأحد شيئين : إما ، أو رؤية الهلال ؛ لأن الله تعالى لم يجر في العادة أن يكون الشهر أكثر من ثلاثين يوما ، ولا أقل من تسعة وعشرين يوما ، فإذا وقع الإشكال بعد التاسع والعشرين في عدد الشهر عمل على اليقين وهو على الثلاثين ، وأطرح الشك ، وحكي عن بعض استكمال شعبان ثلاثين يوما الشيعة أنهم عملوا في صومهم على العدد ، وأسقطوا حكم الأهلة ؛ تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم : يعني شهر الصيام ، وشهر الحج ، وبما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " شهرا النسك [ ص: 408 ] لا ينقصان " " يوم صومكم يوم نحركم " وحكي عن آخرين منهم أنهم عملوا في صومهم على النجوم وما توجبه أحكام الحساب تعلقا بقوله وعلامات وبالنجم هم يهتدون [ النحل : 116 ] فأخبر أن الابتداء يكون بالنجم ، والدليل على كلا الفريقين رواية عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فعلق حكمه بأحد شرطين لا ثالث لهما ، وروى " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : منع من الصوم والفطر إلا بأحد شرطين : " لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة "
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وروي بنصره يعني : تسعة وعشرين . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا " وبسط يديه ثلاث مرات ، يعني ثلاثين ثم قال : " والشهر هكذا وهكذا " ثم بسطها مرتين ، ثم قبض في الثالثة إبهامه من إحدى يديه محمد " ويروى " فقد كفر بما أنزل على محمد " فأما تعلق أصحاب العدد بقوله : " من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كذب بما أنزل على ففيه جوابان : " شهرا النسك لا ينقصان "
أحدهما : أن هذا الخبر لا أصل له ؛ لأن المشاهدة تدفعه .
والثاني : أنه إن صح فمحمول على أنه خرج جوابا لمن أخبر بنقصانهما في سنة بعينها وكانا كاملين ، فأخبره صلى الله عليه وسلم أنهما غير ناقصين يعني في تلك السنة ، وأما تعلقهم بقوله صلى الله عليه وسلم " يوم صومكم يوم نحركم " ففيه أيضا كما ذكرنا ، على أنا روينا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ ص: 409 ] وأما تعلق أصحاب النجوم بقوله تعالى : " صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون " وبالنجم هم يهتدون [ النحل : 16 ] ، فالمراد به دلائل القبلة ، ومسالك السابلة في البر والبحر بدليل قوله تعالى : يسألونك عن الأهلة [ البقرة : 189 ] .