الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان ولده في ولايته لهم أموال ، زكى منها عنهم إلا أن يتطوع فيجزئ عنهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن زكاة الفطر تابعة للمنفعة ، فإذا كان للرجل أولاد صغار في ولايته ، ولهم أموال فنفقتهم وزكاة فطرهم في أموالهم دون مال أبيهم ، وهو قول الجماعة إلا محمد بن الحسن ، وزفر بن الهذيل ، فإنهما أوجبا نفقة الأطفال في أموالهم وزكاة فطرهم على أبيهم ، وهذا غير صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم أدوا زكاة الفطر عمن تمونون ، ومؤنة الأطفال في أموالهم : فوجب أن تكون زكاة فطرهم تابعة للنفقة في أموالهم ، ألا ترى أن البالغ لما وجبت نفقته في ماله وجبت زكاة فطره في ماله ، والصغير الفقير لما وجبت نفقته على أبيه وجبت زكاة فطره على أبيه ، وكذا الصغير الغني لما وجبت نفقته في ماله وجبت زكاة فطره في ماله ، فإذا ثبت أنها في أموالهم فإن تطوع الأب فأخرجها عنهم من ماله أجزأ ، وكان متطوعا بها ، ولو كان الوالي عليهم أمينا حاكما وجب في أموالهم : لوفاق محمد وزفر ، ويتولى الأمين إخراجها من أموالهم ، فإن تطوع الأمين فأخرجها عنهم من ماله متطوعا بها لم يجزهم ، وفرق أصحابنا بين الأب والأمين بأن الأب لما جاز أن يحج بهم جاز أن يتطوع بزكاة فطرهم ، ولما لم يجز للأمين أن يحج بهم لم يجز أن يتطوع بزكاة فطرهم ، وفيه عندي نظر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية