الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن امتنع من أدائها طوعا : أخذها الإمام من ماله قهرا ، ويجزئه في الحكم ، نوى الإمام أو لم ينو ، وهل يجزئه فيما بينه وبين الله تعالى ؛ على وجهين .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إذا امتنع من أدائها لم يجبر عليها ، ولم يجز أن تؤخذ كرها بل يحبس حتى يؤديها ، فإن أخذت كرها لم يجزه ، واستدل بشيئين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الزكاة عبادة لا يصح أداؤها إلا بنية ، ومع الإكراه لا تصح منه النية .

                                                                                                                                            والثاني : أن أخذها كرها لا يصح إلا لطالب معين ، ومستحق الزكاة غير معين ، وهذا خطأ .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة ، [ التوبة : 103 ] ، فكان هذا الأمر بالأخذ على عمومه في المطيع والممتنع ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في كل سائمة إبل ، في أربعين بنت لبون ، ولا تفرق إبل عن حسابها ، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله ؛ عزمة من عزمات ربنا ، ليس لآل محمد فيها نصيب ولأنه حق في ماله يقدر على أدائه فوجب أن يجبر عليه عند امتناعه كالديون ، ولأنه مال يتولاه الإمام لأهل السهمان ، فجاز أن يجبر عليه عند الامتناع منه كالأعشار .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن استدلاله الأول بفقد النية ، يقصد بها الفرق بين التطوع والفرض ، وهذا المعنى موجود في الإكراه ، وأما قوله : إن مستحقها غير معين ، قيل : أوصافهم معينة ، وإن كانت أشخاصهم غير معينة ، ولولا تعيين أوصافهم لما جاز أن يفرقها فيهم لجهله به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية