مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو غل صدقته عذر إن كان الإمام عدلا ، إلا أن يدعي الجهالة ولا يعذر إذا لم يكن الإمام عدلا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ، فلا يخلو حال الإمام من أمرين : كتم الرجل ماله أو بعضه عن الساعي وأخفاه عنه ولم يعطه زكاته ، ثم ظهر عليه
إما أن يكون عادلا في الزكاة ، أو جائرا فيها ، فإن كان جائرا ، يأخذ فوق الواجب أو يأخذ الواجب ويصرفه في غير مستحقيه فلا تعزير عليه ، لأنه معذور بكتمه وإن كان عادلا [ ص: 134 ] فلرب المال حالان أحدهما أن يدعي شبهة فيقول : لم أعلم بتحريم كتمها وهو حديث العهد بالإسلام فهذا معذور ويؤخذ منه قدر الواجب عليه من غير تعذير .
والثاني : أن تكون له شبهة كتمها ومنع الإمام منها لعلمه بوجوبها فيكون بكتمها عاصيا آثما ، ويعزره الإمام أدبا وزجرا ، ويأخذ منه زكاته من غير زيادة .
وقال مالك وأحمد : تؤخذ منه الزكاة وشطر ماله تعلقا برواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " وهذا خطأ لقوله " من غل صدقته فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمد فيها نصيب " . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليس في المال حق سوى الزكاة لا ثنيا في الصدقة " أي : لا تؤخذ في السنة مرتين . فأما تعلقهم بالحديث فقد قال الشافعي : إن صح إسناده وثبت نقله عمل عليه وصير إليه ؛ لأن رواية بهز بن حكيم ضعيفة .
وقال أبو العباس : بل معناه إن صح ثبوت حكمه وأنه غير منسوخ ولم يكن أصل يدفعه ولا إجماع يخالفه عمل عليه ، وأصول الشرع تدفعه وإجماع الصحابة على ترك العمل به ، فلم يكن فيه مع صحة إسناده حجة . والله أعلم .