مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو قال المصدق : هي وديعة أو لم يحل عليها الحول صدقه وإن اتهمه أحلفه " .
قال الماوردي : وأصل هذا أن لا زكاة على من بيده مال إلا بأوصاف ورد بها الشرع منها ، فإذا كان بيد رجل أربعون من الغنم فطالبه الساعي بزكاتها ، فذكر أنها ليست له وإنها بيده وديعة فينبغي للساعي أن يسأله عن مالكها ، فإن أخبر به ووقع في نفس الساعي صدق قوله لم يحلفه ، لأنه أمين مصدق ، وإن اتهمه وارتاب بقوله أحلفه استظهارا وجها واحدا ، لأنه أمين قد استند إلى ظاهر ، فإن امتنع من الإخبار بمالكها فعلى وجهين : الملك والسوم والحول
أحدهما : وهو الصحيح أن قوله مقبول ولا زكاة عليه ، فإن صدق لم يحلف وإن اتهم أحلف استظهارا كما لو أخبر بمالكها .
والوجه الثاني : وهو ضعيف ، يؤخذ منه الزكاة إذا امتنع من الإخبار بمالكها ؛ لأن لليد ظاهرا يدل على الملك ، وهذا غلط ؛ لأن اليد تدل على الملك إذا اعتبرت بدعوى صاحب اليد ، فأما مع إنكاره فلا اعتبار بيده ، ولو قال صاحب اليد : هي ملكي لكن لم يحل عليها الحول ، فالقول قوله ، وإن صدقه الساعي فلا يمين عليه ، وإن اتهمه أحلفه استظهارا ، لأنه في إنكار الملك والحول والسوم يرجع إلى ظاهر يعاضد قوله من غير إقرار يقدم بالوجوب ، فلذلك كانت اليمين فيه استظهارا ، والله أعلم .