مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ، قيل لك الخيار في أن تعطي بعيرا منها تطوعا مكانها ، أو شاة من غنمك تجوز أضحية " . كانت إبله معيبة وفريضتها شاة ، وكانت أكثر ثمنا من بعير منها
قال الماوردي : وصورتها : في رجل معه خمس من الإبل مراض أو عجاف لا تساوي جماعتها ، أو واحد منها شاة ، فهو بالخيار بين إخراج شاة ، أو واحد منها .
[ ص: 101 ] وقال مالك وداود : عليه إخراج شاة عنها ، ولا يجزئه إخراج واحد منها ، تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم : " في كل خمس من الإبل شاة " قالوا : ولأن البعير بدل من الشاة ، والإبدال في الزكوات لا يجوز .
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه قوله صلى الله عليه وسلم " خذ البعير من الإبل ، والشاة من الغنم " ، فكان نص الخبر واعتبار الأصول يقتضيان إخراج الفرضين من جنس المال ، أخذت الشاة من الخمس على وجه الترفيه والرفق ، فإذا لم يختر الترفيه بإخراج الشاة ، وأراد الرجوع إلى حكم الإبل ، كان ذلك له ، ولأن كل فريضة تؤخذ من جملة جاز أخذها من بعض تلك الجملة ، كأخذ الجذعة بدلا من بنت مخاض ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم " " فقد ذكرنا أنه على وجه الترفيه والرفق ، وأما قولهم : إن ذلك بدل والبدل قيمة ، فغلط لأنا لسنا نقول أنه بدل وإنما نقول إنه فرض ثان ، وله إسقاطه بما هو مثله ، فيكون في الخمس فرضان ، أعلى وهو بعير ، وأدنى وهو شاة ، فإذا أخرج بعيرا فقد أخرج أعلى فرضه ، سواء كان البعير أوسطها أو أدونها ، لأنه وإن كثرت عيوبه فهو أكثر منفعة من شاة ، ثم اختلف أصحابنا في هذا البعير المخرج من الخمس هل جميعه واجب ؟ أو خمسه والباقي تطوع ؟ على وجهين : في كل خمس شاة
أحدهما : أن جميعه واجب ، فعلى هذا لو كانت إبله عشرا كان مخيرا بين شاتين أو بعيرين .
والوجه الثاني : أن خمسه واجب وباقيه تطوع ، فعلى هذا لو كانت إبله عشرا كان الخيار بين بعير واحد أو شاتين ، وهذان الوجهان كاختلافهم في التمتع إذا أخرج في هدي تمتعه بدنة بدلا من الشاة ، فأحد الوجهين أن جميع البدنة واجب ، والثاني أن سبعها واجب وباقيها تطوع .