ذكر قحطبة إلى نيسابور مسير
لما قتل شيبان الخارجي وابنا الكرماني ، على ما تقدم ، وهرب من نصر بن سيار مرو ، وغلب أبو مسلم على خراسان ، بعث العمال على البلاد ، فاستعمل سباع بن النعمان الأزدي على سمرقند ، وأبا داود خالد بن إبراهيم على طخارستان ، ومحمد بن الأشعث على الطبسين ، وجعل مالك بن الهيثم على شرطه ، ووجه قحطبة إلى طوس ومعه عدة من القواد ، منهم : ، أبو عون عبد الملك بن يزيد ، وخالد بن برمك وعثمان بن [ ص: 382 ] نهيك ، وخازم بن خزيمة ، وغيرهم ، فلقي قحطبة من بطوس فهزمهم ، وكان من مات منهم في الزحام أكثر ممن قتل ، فبلغ عدة القتلى بضعة عشر ألفا .
ووجه أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق المحجة ، وكتب إلى قحطبة يأمره بقتال تميم بن نصر بن سيار والنابئ بن سويد ومن لجأ إليهما من أهل خراسان ، وكان أصحاب شيبان بن سلمة الخارجي قد لحقوا بنصر ، ووجه أبو مسلم علي بن معقل في عشرة آلاف رجل إلى تميم بن نصر ، وأمره أن يكون مع قحطبة ، وسار قحطبة إلى السوذقان ، وهو معسكر تميم بن نصر والنابئ ، وقد عبأ أصحابه وزحف إليهم ، فدعاهم إلى كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإلى الرضاء من آل محمد ، فلم يجيبوه ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتل تميم بن نصر في المعركة ، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة واستبيح عسكرهم ، وكان عدة من معه ثلاثين ألفا ، وهرب النابئ بن سويد فتحصن بالمدينة ، فحصره قحطبة ونقبوا سورها ودخلوا المدينة ، فقتلوا النابئ ومن كان معه ، وبلغ الخبر نصر بن سيار بنيسابور بقتل ابنه .
ولما استولى قحطبة على عسكرهم سير إلى ما قبض فيه ، وسار هو إلى خالد بن برمك نيسابور ، وبلغ ذلك فهرب منها فيمن معه فنزل نصر بن سيار قومس ، وتفرق عنه أصحابه ، فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان ، وقدم قحطبة نيسابور بجنوده فأقام بها رمضان وشوالا .