الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      باب تشافع أهل السهام قلت : أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ثلاثة بنين ، اثنان منهم لأم وأب والآخر لأب وحده ، وترك دارا بينهم فلم يقتسموا ، فباع أحد الأخوين اللذين لأم وأب حصته ، أتكون الشفعة لأخيه لأبيه وأمه دون الأخ للأب في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : الشفعة لأمه وأبيه وأخيه لأبيه جميعا ، ليست الشفعة لأحدهما دون الآخر . قلت : فإن كان هذا الأخ لم يبع ، ولكن ولد لأحدهم أولاد ، ثم مات الذي ولد له ، فباع واحد من أولاد هذا الميت حصته ؟ قال : قال مالك : الشفعة لأخويه أولاد هذا الميت دون أعمامهم ; لأن هؤلاء قد صاروا أهل وراثة دون أعمامهم . قلت : فكل قوم ورثوا رجلا وبعض الورثة أقعد ببعضهم من بعض ، وإنما تعددهم من قبل أن بعضهم أقرب بأمه ، وهم أهل سهم واحد أولاد علات أو إخوة مختلفون ، فباع رجل منهم حصته ، فالشفعة لجميعهم - في قول مالك - ولا تكون الشفعة للذي هو أقعد بهذا البائع ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم كذلك قال مالك لأنهم أهل [ ص: 214 ] سهم واحد جميعهم ، فالشفعة بينهم جميعهم ، فلا ينظر في هذا إلى من هو أقعد بالبائع من صاحبه . قلت : فإن ولد لأحدهم ولد فمات ، وباع أحد ولده ، أينتقل هذا الأمر ، ويصيرون شفعاء - بعضهم لبعض - دون أهل السهم الأول في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ; لأن هؤلاء قد انتقلوا من حال السهم الأول إلى وراثة بعد ذلك ، فبعضهم أولى بشفعة بعض ، فإن سلم هؤلاء شفعتهم فالشفعة لأعمامهم عند مالك . وإن باع بعض الأعمام فالشفعة بين جميعهم إخوته وولد إخوته جميعا ، من قبل أن والدهم كان في ذلك السهم الذي ورثه الأعمام ; لأن والدهم كان في ذلك السهم وليس الأعمام معهم في شفعتهم ; لأنهم قد صاروا أهل وراثة دون الأعمام ، وهو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية