الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا وقد مات أبوه قبل ذلك ، ولأبيه امرأة أخرى حامل فولدت بعد خروج الجنين ولدا حيا ، أيرث من دية هذا الجنين شيئا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : [ ص: 632 ] دية الجنين موروثة على فرائض الله ، فأرى لهذا الولد من هذا الأخ الجنين ميراثه منه ; لأنه كان حيا يوم خروج الجنين ميتا ووجبت فيه الدية ألا ترى أن ميتا لو مات ، ولأبيه امرأة حامل ، ولا ابن للميت ، أن للحمل ميراثه من هذا الميت إذا خرج حيا ، فكذلك مسألتك في الجنين .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك لو ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا ، ثم خرج آخر حيا فعاش أو استهل صارخا فمات مكانه ، كان لهذا الذي خرج حيا ميراثه من هذا الذي خرج ميتا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ; لأن مالكا قال : دية الجنين موروثة على فرائض الله .

                                                                                                                                                                                      قلت : وسواء إن كان خرج الجنين ميتا قبل أخيه الحي أو بعده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم هو سواء ، وهو يرثه إذا كان خروجه بعده وهو حي .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : ولو أن الوالد ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا ، فإن الأب لا يرث من دية الجنين شيئا ولا يحجب ، وهي موروثة على فرائض الله وليس للأب من ذلك شيء .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت جنين الذمية كم فيه ؟ قال : عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه وهو سواء .

                                                                                                                                                                                      قلت : الذكر والأنثى في هذا سواء ؟

                                                                                                                                                                                      قال نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الذي ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا ، أعمده وخطؤه سواء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن ضرب بطنها عمدا فألقت جنينا حيا فمات بعدما استهل صارخا ؟ قال : الذي سألت مالكا عنه ، إنما هو في الخطأ . وأنا أرى فيه الدية بقسامة إذا كانت الأم مسلمة والأب مسلما . وإن ضرب رجل بطنها عمدا فألقت جنينا حيا ثم استهل صارخا ثم مات ، فإن فيه القسامة يقتسمون على من فعل ذلك به ويقتلونه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : لا يكون العمد في المرأة ، إلا أن يضرب بطنها خاصة تعمدا ، فذلك الذي يكون فيه القصاص بقسامة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية