الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في شهادة السماع في الأحباس والمواريث قلت : أرأيت إن شهد شاهد واحد على السماع ، شهد أن هذا الميت مولى فلان ، لا يعلم له وارثا غيره ، أيحلف ويستحق المالفي قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، وأرى أن لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ، ولا يستحق به من المال [ ص: 33 ] شيئا ; لأن الشهادة على السماع إنما هي شهادة على شهادة ، فلا تجوز شهادة واحد على شهادة غيره . قال مالك : والأحباس يكون من شهد عليها قد ماتوا ، ويأتي قوم من بعدهم يشهدون على السماع بأنهم لم يزالوا يسمعون أنها حبس ، وأنها كانت تحاز بما تحاز به الأحباس ، فتنفذ في الحبس وتمضي . وإن لم يكن الذين شهدوا على الحبس أحياء . قال مالك : وليس عندنا أحد ممن شهد على أحباس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا على السماع . قال ابن القاسم : ونزلت وأنا عند مالك فقضى بها .

                                                                                                                                                                                      قلت : وسواء عند مالك ، إذا شهدوا على السماع فقالوا سمعنا أنه حبس ، ولم يشهدوا على قوم أشهدوهم ولا على قوم بأعيانهم ، إلا أنهم قالوا : بلغنا ذلك أنها حبس .

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك جائز .

                                                                                                                                                                                      قال : والذي سألنا عنه مالكا إنما سألناه على السماع ، ولم نسأله عن شهادة قوم على قوم بأعيانهم ، إلا أنهم قالوا بلغنا أنها حبس ، فقال مالك : ذلك جائز ولو كانت شهادة على شهادة قوم عدول أشهدوهم ، لم تكن شهادتهم سماعا وكانت شهادة . وسئل مالك عن دار لم يزالوا يسمعون أنها حبس ، ولم يزل الناس يعرفون أن الرجل من ولده يهلك ، ولا ترث امرأته من الدار وتهلك ابنته ولها زوج وولد ، فلا يرث ولدها ولا زوجها من الدار شيئا ، ولا يشهدون على أصل الحبس بعينه إلا على السماع أنا لم نزل نسمع أنها حبس ، ويشهدون على الذي كان من ترك المواريث في نسائهم وولد بناتهم وأزواج البنات .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : أراها حبسا ثابتا وإن لم يشهدوا على أصل الحبس .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن شهدوا على السماع ، ولم يشهدوا على الشيء مما وصفت لي مما ذكرت من المواريث ، أيكون حبسا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قد أخبرتك أن مالكا قال : شهادة السماع شهادة جائزة في الأحباس ، مثل ما وصفت لك من أحباس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنها قد حيزت عن نسائهم وعمن لا حق له في الحبس ، فإذا جاء من ذلك من السماع ما يستدل به ; جازت شهادة السماع في ذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية