الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في قسمة قرية فيها دور وشجر قلت : أرأيت لو ورثت أنا وأخ لي قرية من القرى فيها دور وشجر وأرض بيضاء فأردنا أن نقسم ، كيف نقسم ذلك بيننا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما دور القرية فتقسم كما وصفت لك في قسمة الدور ، وأما الأرض البيضاء فتقسم على ما وصفت لك في قسم الأرض البيضاء .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكيف وصفت لي في قسمة الأرض البيضاء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينظر إلى ما كان من الأرض التي يشبه بعضها بعضا في الكرم والنفاق عند الناس وتقارب موضع بعضها من بعض ، جمع له هذا كله فيجعل نصيب كل إنسان منهم في موضع واحد . وإن اختلفت الأرض اختلافا بينا أعطي كل إنسان منهم حصته في كل أرض على حدة ، وهذا مثل الدور والنخل .

                                                                                                                                                                                      قال : وما حد قرب الأرض بعضها من بعض ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم يحد لنا مالك فيه حدا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأرى الميل وما أشبهه قريبا في الحوائط والأرضين .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الشجر التي هي في هذه القرية بين هذين الأخوين ، كيف يقسمها مالك بينهما وهي من [ ص: 268 ] أنواع الأشجار : تفاح ورمان وخوخ وأترج وأنواع الفاكهة مختلطة في جنان واحد ، أو كانت الأجنة كل نوع على حدة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا ، ولكني أرى إن كانت الأشجار مختلطة في حائط واحد كما وصفت لي قسم الحائط ، وجمع نصيب كل واحد منهما في موضع واحد على القيمة ، وإن كانت الأجنة ، التفاح جنان على حدة والرمان جنان على حدة وكل نوع جنان على حدة ، وكل واحد منها يحتمل أن يقسم بينهم ، قسم بينهم كل جنان على حدة على القيمة وأعطي لكل واحد منهم حظه من كل واحد منها ، وهذا مثل قول مالك في النخل يكون في الحائط منه البرني والصيحاني واللون والجعرور وأنواع التمر ، رأيته يقسم على القيمة ويعطى كل واحد منهم يجمع له حظه في موضع واحد من الحائط ، ولا يلتفت إلى ما يصير في حظ هذا من ألوان التمر وما يصير في حظ هذا من ألوان التمر .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية