الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وما قبضه من دين مشترك بإرث أو إتلاف قال شيخنا : أو ضريبة سبب استحقاقها واحد فلشريكه الأخذ من الغريم ، وله الأخذ منه ، جزم به الأكثر ، وعنه : لا ، كما لو تلف المقبوض في يد قابضه تعين حقه ولم يرجع على الغريم ، لعدم تعديه ، لأنه قدر حقه ، وإنما شاركه لثبوته مشتركا ، مع أنهم ذكروا لو أخرجه القابض برهن أو قضاء دين فله أخذه من يده ، كمقبوض بعقد فاسد ، فيتوجه منه تعديه في التي قبلها ، ويضمنه ، وهو وجه في النظر واختاره شيخنا ، ويتوجه من عدم تعديه صحة تصرفه ، وفي التفرقة نظر ظاهر ، وإن كان القبض بإذن شريكه أو بعد تأجيل شريكه حقه ، أو كان الدين بعقد ، فوجهان ، ونصه في شريكين وليا عقد مداينة لأحدهما أخذ نصيبه ( م 24 - 26 ) [ ص: 197 ] و [ في الترغيب ] في دين من ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان ( م 27 ) فأما الميراث فيشاركه ، لأنه لا يتجزأ أصله ، ولو أبرأ منه صح في نصيبه ، ولو صالح بعرض أخذ نصيبه من دينه فقط ذكره القاضي ، وللغريم التخصيص مع تعدد سبب الاستحقاق [ قال شيخنا ] لكن ليس لأحدهما إكراهه على تقديمه . [ ص: 198 ] قال أحمد [ رضي الله عنه ] الدين أوله هم وآخره حزن ، قال بعضهم : كان يقال : الدين هم بالليل وذل بالنهار وإذا أراد الله أن يذل عبدا جعل في عنقه دينا ، وكان يقال : الأذلاء أربعة : النمام والكذاب والفقير والمديان ، وكان يقال : لا هم إلا هم الدين ، ولا وجع إلا وجع العين . قال ابن عبد البر وقد روي هذا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ضعيف .

                                                                                                          وقال جعفر بن محمد : المستدين تاجر الله في أرضه . وقال عمر بن عبد العزيز : الدين وقر طالما حمله الكرام .

                                                                                                          [ ص: 196 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 196 ] مسألة 24 - 26 ) قوله : وما قبضه من دين مشترك بإرث أو إتلاف فلشريكه الأخذ من الغريم ، وله الأخذ منه فإن كان القبض بإذن شريكه أو بعد تأجيل شريكه حقه ، أو كان الدين بعقد ، فوجهان ، ونصه في شريكين [ ص: 197 ] وليا عقد مداينة لأحدهما أخذ نصيبه ، انتهى . ثلاث مسائل يشبه بعضهن بعضا :

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) إذا كان الدين بعقد ، هل حكمه حكم الميراث ونحوه أو لا يشاركه فيما قبضه ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين .

                                                                                                          ( أحدهما ) ليس له ذلك ، وهو الصحيح . قال في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق : وإن قبضه بإذنه فلا يخاض في الأصح ، واختاره الناظم ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) يشاركه كالميراث .

                                                                                                          ( مسألة 27 ) [ قوله ] وفي دين من ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الذي يظهر أنه كالدين الذي بعقد ، بل هو من جملته ، فإن ثمن المبيع من عقد ، وكذا القرض ، ففي كلامه نوع تكرار فيما يظهر ، والله أعلم . ثم رأيته في بعض النسخ حكي ذلك عن صاحب الترغيب ، فيزول الإشكال ، وغالبها ليس فيها ذلك ، والصواب جعله من كلام صاحب الترغيب إذا علمت ذلك فقد [ ص: 198 ] علمت الصحيح من مسألة ما إذا كان الدين بعقد فكذا ، أي هذه ، فهذه سبع وعشرون مسألة قد صححت في هذا الباب .




                                                                                                          الخدمات العلمية