الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5687 5688 5689 ص: حدثنا فهد ، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي ، عن الأعمش، قال: حدثني أبو سفيان ، عن جابر - أثبته مرة، ومرة شك في أبي سفيان ، - عن النبي -عليه السلام-: " أنه نهى عن ثمن الكلب والسنور". .

                                                حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي -عليه السلام- مثله، ولم يشك.

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الغفار بن داود ، قال: ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                [ ص: 72 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 72 ] ش: هذه ثلاث طرق:

                                                الأول: عن فهد بن سليمان ، عن عمر بن حفص بن غياث النخعي الكوفي شيخ البخاري ومسلم ، عن أبيه حفص بن غياث بن طلق النخعي القاضي بالكوفة وأحد أصحاب أبي حنيفة، روى له الجماعة، عن سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان - واسمه طلحة بن نافع - القرشي الواسطي الإسكاف، روى له الجماعة، البخاري مقرونا بغيره.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع ، عن الأعمش، قال: أنا أبو سفيان، ذكره عن جابر، قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن ثمن الكلب".

                                                وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا عمرو بن علي، ثنا وكيع، ثنا الأعمش ، عن جابر قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن ثمن الكلب والسنور".

                                                قال الأعمش: أرى أبا سفيان ذكره.

                                                قوله: "أثبته مرة" أي: أثبت الأعمش ذكر أبي سفيان مرة، ومرة أخرى شك في ذكره، فعلى الأول يكون الحديث متصلا، وعلى الثاني يكون منقطعا.

                                                الطريق الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان طلحة بن نافع ، عن جابر -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن أبي مذعور، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر: "أن النبي -عليه السلام- نهى عن ثمن الكلب والسنور".

                                                وأخرجه الترمذي: ثنا علي بن حجر وعلي بن خشرم، قالا: ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن ثمن الكلب والسنور".

                                                [ ص: 73 ] قال أبو عيسى: هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح في ثمن السنور. وقد روي هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر، واضطربوا على الأعمش في هذا الحديث.

                                                الطريق الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عبد الغفار بن داود بن مهران شيخ البخاري ، عن عبد الله بن لهيعة المصري ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن جابر -رضي الله عنه-.

                                                والحديث أخرجه مسلم: حدثني سلمة بن شبيب، قال: ثنا الحسن بن أعين، قال: ثنا معقل ، عن أبي الزبير، قال: "سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور، فقال: زجر النبي -عليه السلام- عن ذلك".

                                                ثم وجه النهي عن ثمن السنور ما قاله بعضهم أن ذلك لعله على جهة الندب لإعارته؛ لأنه إذا كان له ثمن شح عليه، قال: ولأنه لا يمكن ضبطه وإن ربط لم ينتفع به، فوقع ذلك. وقال بعضهم: لعله في السنور الوحشي، وجمهور العلماء على أنه لا يمنع من بيعه، ويذكر كراهة بيعه عن أبي هريرة ومجاهد وغيرهما؛ أخذا بظاهر هذا الحديث.

                                                وقال أبو عمر بن عبد البر: حديث منع بيع السنور لا يثبت رفعه، وحديث أبي الزبير عن جابر في ذلك لم يروه غير حماد بن سلمة .

                                                وقال ابن حزم في "المحلى": ولا يحل بيع الهر، فمن اضطر إليه لأذى الفأر فواجب على من عنده منها فضل عن حاجته أن يعطيه منها ما يدفع به الله تعالى عنه الضرر.

                                                ثم روى في ذلك حديث جابر الذي رواه مسلم على ما نذكره.

                                                [ ص: 74 ] ثم قال: وروينا من طريق قاسم بن أصبغ، نا محمد بن وضاح، نا محمد بن آدم، نا عبد الله بن المبارك، نا حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله "أنه كره ثمن الكلب والسنور".

                                                فهذه فتيا جابر -رضي الله عنه- بما روى، ولا نعرف له مخالفا من الصحابة -رضي الله عنهم-.

                                                ومن طريق سعيد بن منصور: نا أبو الأحوص ، عن ليث ، عن طاوس، عن مجاهد: "أنهما كرها أن يستمتع بمسوك السنانير وأثمانها".

                                                ومن طريق ابن أبي شيبة: نا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن طاوس ومجاهد "أنهما كرها بيع الهر وثمنه وأكله".

                                                وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.

                                                وفي "المغني": فأما الهر فقد ذكر الخرقي جواز بيعها، وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.

                                                وروي عن أحمد أنه كره ثمنها، وروي ذلك عن أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد، واختاره أبو بكر .




                                                الخدمات العلمية