الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5216 ص: فلما اختلفوا في هذا هذا الاختلاف، فذهب كل فريق إلى ما ذكرنا، واحتج لقوله بما وصفنا، وجب أن يكشف كل فريق منها، وما ذكرنا من حجة قائلة لنستخرج من هذه الأقاويل قولا صحيحا، فنظرنا في ذلك، فابتدأنا بقول الذي نفى أن يكون لهم في الآية شيء بحق القرابة، وإنما جعل لهم منها ما جعل لحاجتهم وفقرهم كما جعل للمساكين واليتيم فيها ما جعل لحاجتهما وفقرهما، فإذا ارتفع الفقر عنهم جميعا ارتفعت حقوقهم من ذلك.

                                                فوجدنا رسول الله -عليه السلام- قد قسم سهم ذوي القربى حين قسمه فأعطى بني هاشم وبني المطلب وعمهم جميعا، وقد كان فيهم الغني والفقير.

                                                [ ص: 303 ] فثبت بذلك أنه لو كان ما جعل لهم في ذلك هو لعلة الفقر لا لعلة القرابة إذا لما أدخل أغنياءهم مع فقرائهم فيما جعل لهم من ذلك، ولقصد إلى الفقراء منهم دون الأغنياء، فأعطاهم كما فعل في اليتامى، فلما أدخل أغنياءهم وفقراءهم ثبت بذلك أنه قصد بذلك إلى أعيان القرابة بعلة قرابتهم لا لعلة فقرهم.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فلما اختلف هؤلاء الفرق الثلاث في حكم سهام ذوي القربى هذا الاختلاف المذكور فذهب كل فريق إلى مذهب واحتج لما ذهب إليه بما ذكر من الحجج؛ وجب الكشف عن ذلك كله ليعلم القول الصحيح من هذه الأقوال الثلاثة ويعتمد عليه.

                                                قوله: "فابتدأنا بقول الذي نفى..." إلى آخره، هو قول أهل المقالة الأولى الذين ذهبوا إلى أن ذوي قرابة رسول الله -عليه السلام- لا سهم لهم في الخمس معلوم، وإنما أعطى لهم من ذلك ما أعطى؛ لأجل حاجتهم وفقرهم كما أعطى منه للمساكين واليتامى، فإذا كان كذلك تكون العلة في ذلك هي الفقر والاحتياج، فإذا ارتفعت هذه العلة ارتفع الحكم المذكور، وأشار إلى هذا المعنى بقوله: "فوجدنا رسول الله -عليه السلام- قد قسم..." إلى آخره.

                                                قوله: "وعمهم جميعا" من التعميم وهو الشمول.




                                                الخدمات العلمية