الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5313 ص: وأما ما يدخل لأبي حنيفة في ذلك من جهة النظر مما يفرق بين الأرض الموات وبين الأنهار والصيد: أنا رأينا الصيد وماء الأنهار لا يجوز للإمام تمليك ذلك أحدا، ورأيناه لو ملك رجلا أرضا ميتة تم ملكه إياها بذلك، وكذلك لو احتاج الإمام إلى بيعها في نائبة للمسلمين جاز بيعه لها، ولا يجوز ذلك في ماء نهر ولا في صيد بر ولا بحر، فلما كان ذلك إلى الإمام في الأرضين؛ دل أن حكمها إليه وأنها في يده كسائر الأموال التي في يده للمسلمين لا رب لها بعينه، فلا يملكها أحد بأخذه إياها حتى يكون الإمام يملكها إياه على حسن النظر منه للمسلمين.

                                                ولما كان الصيد والماء ليس إلى الإمام بيعها ولا تمليكها أحدا؛ كان الإمام فيها كسائر الناس، وكان ملكهما يجب بأخذهما دون الإمام، فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة لما وصفنا من الآثار والدلائل التي ذكرنا.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عن قوله: "وقالوا: قد دلت على هذه أيضا شواهد النظر..." إلى آخره. وكانوا قد قاسوا حكم إحياء الأرض الموات على حكم أخذ الصيد والماء من الأنهار، حيث قالوا: من أخذ من صيد أو من ماء نهر ملكه بأخذه إياه وإن لم يأمر الإمام؛ لأنه لا ملك لأحد عليه، فالإمام وسائر الناس فيه سواء، فكذلك الأرض الموات ليس لأحد ملك عليها، فمن أحياها فقد ملكها وإن لم يأمره الإمام. لم يفرقوا

                                                [ ص: 446 ] بين الحكمين المذكورين. فأجاب عن ذلك بإثبات الفرق بينهما الذي ينفي هذا الخلاف؛ نصرة لأبي حنيفة ومن تبعه في ذلك، وهو ظاهر.




                                                الخدمات العلمية