الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5323 5324 5325 5326 5327 5328 5329 5330 5331 5332 5333 5334 ص: فمما روي عن رسول -عليه السلام- في ركوب البغال: ما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا القواريري ، قال: ثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، قال: قال رجل للبراء: : يا أبا عمارة ، وليتم يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله -عليه السلام-، وكان ولى سرعان الناس تلقيهم هوازن بالنبل،

                                                [ ص: 456 ] ولقد رأيت رسول الله -عليه السلام- وهو على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".


                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو الوليد ، قال: ثنا شعبة، قال: أنا أبو إسحاق ... ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا علي بن الجعد ، قال: ثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، مثله.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن كثير بن عباس ، أن أباه عباس بن عبد المطلب، قال: " شهدت مع رسول -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله -عليه السلام- فلم نفارقه، ورسول الله -عليه السلام- على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي". .

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا إبراهيم بن بشار ، قال: ثنا سفيان ، قال: سمعت الزهري ، يحدث، عن كثير بن العباس ، عن أبيه ، نحوه.

                                                حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال: ثنا عفان ، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال: ثنا الحارث بن حصيرة ، قال: ثنا القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال: قال عبد الله بن مسعود: " : كنت مع رسول الله -عليه السلام- يوم حنين ورسول الله -عليه السلام- على بغلته".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: ثنا علي بن مسهر ، عن يزيد ابن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أمه قالت: " رأيت رسول الله -عليه السلام- يوم النحر عند جمرة العقبة ، وهو على بغلته".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن ابن عبد الله بن بسر ، عن أبيه أنه قال: "إن رسول الله -عليه السلام- أتاهم وهو راكب بغلة".

                                                [ ص: 457 ] حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا آدم بن أبي إياس ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، قال: ثنا ثابت البناني ، وحميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله -عليه السلام- على بغلة شهباء، فمر على حائط لبني النجار ، فإذا قبر يعذب صاحبه فحاصت البغلة، فقال رسول الله -عليه السلام-: لولا (أن تدافنوا) لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر".

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، قال: ثنا معن بن عيسى ، قال: حدثني فائد ، عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه: " ، أنه رأى بغلة النبي -عليه السلام- شهباء فكانت عند علي بن الحسين -رضي الله عنهما-".

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا عمر بن يونس ، عن عكرمة بن عمار ، قال: حدثني إياس بن سلمة ، قال: حدثني أبي ، قال: " غزونا مع رسول الله -عليه السلام- حنينا..." . فذكر حديثا طويلا فيه: "فمررت على رسول الله -عليه السلام- منهزما وهو على بغلته الشهباء".

                                                حدثنا بحر بن نصر ، قال: ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أسلم أبي عمران ، عن عقبة بن عامر قال: " ركب رسول الله -عليه السلام- بغلة فاتبعته..." ، ثم ذكر الحديث.

                                                فقد تواترت الآثار عن رسول الله -عليه السلام- بإباحة ركوب البغال.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فمن الذي روي عن النبي -عليه السلام- في ركوب البغال: ما قد حدثنا... إلى آخره. وأخرج في ذلك عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهما-:

                                                الأول: عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-.

                                                أخرجه من ثلاثة طرق:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-.

                                                [ ص: 458 ] وأخرجه البخاري: نا محمد بن كثير، نا سفيان ، عن أبي إسحاق قال: "سمعت البراء -رضي الله عنه- وجاءه رجل فقال: يا أبا عمارة أتوليت يوم حنين؟ فقال: أما أنا فأشهد على النبي -عليه السلام- أنه لم يول، ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن، وأبو سفيان بن حرب آخذ برأس بغلته البيضاء يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".

                                                وأخرجه مسلم: ثنا يحيى بن يحيى، قال: أنا أبو خيثمة ، عن أبي إسحاق قال: "قال رجل للبراء: يا أبا عمارة، فررتم يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله -عليه السلام- ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح - أو كثير سلاح - فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم جمع هوازن وبني النضير فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هنالك إلى رسول الله -عليه السلام-، ورسول الله -عليه السلام- على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل فاستنصر قال:

                                                أنا النبي لا كذب، أنا بن عبد المطلب.

                                                ثم صفهم".


                                                وأخرجه الترمذي: عن ابن بشار ، عن يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ... إلى آخره.

                                                وأخرجه النسائي: عن ابن بشار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق نحوه.

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق.

                                                وأخرجه البخاري: نا أبو الوليد، نا شعبة ، عن أبي إسحاق: "قيل للبراء -

                                                [ ص: 459 ] وأنا أسمع -: أوليتم مع النبي -عليه السلام- يوم حنين؟ فقال: أما النبي -عليه السلام- فلا، كانوا رماة، فقال: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".


                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري شيخ البخاري ، عن زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن البراء .

                                                وأخرجه مسلم: عن يحيى بن يحيى ، عن زهير بن معاوية ... إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "سرعان الناس" بفتح السين والراء، وهم أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء.

                                                قوله: "وأبو سفيان" ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عم النبي -عليه السلام-، وكان أخا النبي -عليه السلام- من الرضاعة أرضعتهما حليمة بنت أبي ذئب السعدية، وحضر مع رسول الله -عليه السلام- الفتح وشهد معه حنينا فأبلى فيها بلاء حسنا، وكان رسول الله -عليه السلام- أحبه وشهد له بالجنة، وتوفي أبو سفيان سنة عشرين بالمدينة، وصلى عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

                                                قوله: "أنا النبي لا كذب" فيه إثبات لنبوته -عليه السلام-؛ كأنه قال: أنا ليس بكاذب فيما أقول فيجوز على الانهزام.

                                                و: "الكذب" - بفتح الكاف وكسر الذال - مصدر، يقال: كذب يكذب كذبا وكذبا، ولكنه بمعنى الفاعل، وفيه حذف كما ذكرنا، وتقديره: لا أنا كاذب، وزعم بعضهم أنه بفتح الباء ليخرجه عن أن يكون موزونا، وإنما انتسب إلى جده بقوله: "أنا ابن عبد المطلب لرؤيا كان عبد المطلب رآها دالة على نبوته مشهورة عند العرب وعبرها له سيف بن ذي يزن .

                                                وقيل: لأن شهرة جده كانت أكثر من شهرة أبيه؛ لأنه توفي شابا في حياة أبيه، أو لأنه -عليه السلام- كان ينتسب كثيرا إلى عبد المطلب؛ لأن العادة إذا كان في نسب الإنسان جد

                                                [ ص: 460 ] أو جد أب له شهرة أو اسمه فيه غرابة ينسب إليه ويطرح من بينهما من الآباء، ولهذا إن ضمام بن ثعلبة لما وقد عليه قال: أيكم ابن عبد المطلب؟

                                                وفيه جواز الانتماء في دار الحرب، وإنما كره من ذلك ما كان على وجه الافتخار في غير الحرب.

                                                والثاني: عن عباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن فهد بن سليمان ، عن عبد الله بن صالح - كاتب الليث، وشيخ البخاري - عن الليث بن سعد ، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي - أمير مصر لهشام بن عبد الملك بن مروان ، ومولى الليث بن سعد من فوق - عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن كثير بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي -عليه السلام-، التابعي الكبير، عن أبيه عباس بن عبد المطلب .

                                                وأخرجه مسلم: ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب، قال: حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب، قال: قال عباس: "شهدت مع رسول الله -عليه السلام- يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله -عليه السلام- فلم نفارقه، ورسول الله -عليه السلام- على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي..." الحديث بطوله.

                                                الطريق الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن إبراهيم بن بشار الرمادي ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن كثير بن عباس ... إلى آخره.

                                                قوله: "فروة بن نفاثة الجذامي" كان عاملا لقيصر على معان من أرض الكرك. و: "فروة": بالفاء، و: "نفاثة": بضم النون وبالفاء والثاء المثلثة.

                                                والثالث: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

                                                [ ص: 461 ] أخرجه من طريق حسن جيد:

                                                عن علي بن عبد الرحمن ، عن عفان بن مسلم الصفار ، عن عبد الواحد بن زياد العبدي ، عن الحارث بن حصيرة الكوفي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود .

                                                وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن عبد الرحيم، ثنا عفان بن مسلم، ثنا عبد الواحد بن زياد ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: "كنت مع رسول الله -عليه السلام- يعني يوم حنين - فتفرق الناس وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار - وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة - ورسول الله -عليه السلام- على بغلته، فقال النبي -عليه السلام-: ناولني كفا من تراب، فرمى به وجوههم، فامتلأت أعينهم ترابا، وأقبل المهاجرون والأنصار وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، فولى المشركون مدبرين".

                                                والرابع: عن أم جندب الصحابية -رضي الله عنها-.

                                                أخرجه عن فهد بن سليمان ، عن أبي بكر بن أبي شيبة شيخ مسلم ، عن علي بن مسهر الكوفي قاضي الموصل، عن يزيد بن أبي زياد القرشي فيه مقال، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الجشمي الكوفي ، عن أمه أم جندب الأزدية الصحابية -رضي الله عنها-.

                                                وأخرج ابن الأثير هذا الحديث في ترجمة أم جندب: من حديث ابنها سليمان بن عمرو بن الأحوص: "أنها رأت النبي -عليه السلام- غداة الجمرة وهو يرمي الجمرة وهو يقول: يا - - - - - - - - - - ---أيها الناس--- - - - - - - - - - - لا يقتل بعضكم بعضا، ارموا بمثل حصى الخذف".

                                                [ ص: 462 ] وأخرجه ابن ماجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة نحو رواية الطحاوي .

                                                وأخرجه أيضا: عن أبي بكر ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان ، عن أمه أم جندب.

                                                وأخرجه أبو داود: عن إبراهيم بن مهدي ، عن علي بن مسهر ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أمه قالت: "رأيت النبي -عليه السلام- يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب..." الحديث، وليس فيه ذكر البغلة.

                                                والخامس: عن عبد الله بن بسر - بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة - المازني الصحابي .

                                                أخرجه عن فهد بن سليمان ، عن عبد الله بن صالح كاتب الليث ، عن معاوية بن صالح بن حدير الحمصي قاضي الأندلس، عن يحيى بن عبد الله بن بسر ، عن أبيه: "أن رسول الله -عليه السلام- أتاهم وهو راكب بغلة".

                                                وأخرج أحمد في "مسنده": ثنا يحيى بن حماد، أنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن عبد الله بن بسر ، عن أبيه: "أن رسول الله -عليه السلام-، نزل فذكروا رطبة طعاما وشرابا، فكان يأكل التمر ويضع النوى على ظهر أصبعيه ثم يرمي به، ثم قام فركب بغلة له بيضاء، فأخذت بلجامها، فقلت: يا نبي الله، ادع الله لنا، فقال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم".

                                                وقد اعترض بعضهم على هذا، فقال: هكذا في الأصل: عن عبد الله بن بسر ، عن أبيه. ولكن الصواب: عن ابن عبد الله بن بسر ، عن أبيه.

                                                [ ص: 463 ] قلت: بسر والد عبد الله له صحبة أيضا، وعبد الله روى عنه أيضا، فعلى هذا الصواب ما ذكر في الأصل بدون ذكر الابن.

                                                وأخرج النسائي في "الوليمة": عن كثير بن عبيد ، عن بقية ، عن محمد بن زياد ، عن عبد الله بن بسر قال: "كنت أنا وأبي قاعدين إذ أقبل رسول الله -عليه السلام- على بغلة له، فقال له أبي: ألا تنزل..." الحديث.

                                                والسادس: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

                                                أخرجه بإسناد صحيح: عن نصر بن مرزوق ، عن آدم بن أبي إياس شيخ البخاري ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني وحميد الطويل، كلاهما عن أنس بن مالك .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا حسن، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت وحميد ، عن أنس: "أن رسول الله -عليه السلام- كان على بغلة شهباء، فمر على حائط لبني النجار فإذا هو بقبر يعذب صاحبه، فحاصت البغلة، فقال: لولا (أن تدافنوا) لدعوت الله - عز وجل - أن يسمعكم عذاب القبر".

                                                قوله: "على حائط" وهو البستان من النخيل إذا كان عليها جدار.

                                                قوله: "فحاصت البغلة" أي: نفرت وفرت، يقال: حاص يحيص حيصة إذا جال يطلب الفرار، والمحيص: المهرب، ويروى: "جاضت" بالجيم والضاد المعجمة، يقال: جاض عن القتال أي: فر، وجاض عن الحق: عدل، وأصل الجيض: الميل عن الشيء.

                                                [ ص: 464 ] قوله: "لولا أن تدافنوا" من التدافن وهو التكاتم، وفي الحديث: "لو تكاشفتم لما تدافنتم" أي: لو تكشف عيب بعضكم لبعض.

                                                وفيه: جواز ركوب البغلة، وجواز اقتنائها، وإثبات عذاب القبر.

                                                والسابع: عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.

                                                أخرجه بأسناد صحيح: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن عمر بن يونس بن القاسم الحنفي اليمامي ، عن عكرمة بن عمار اليمامي ، عن إياس بن سلمة ، عن أبي سلمة بن الأكوع .

                                                وأخرجه مسلم بأتم منه: ثنا زهير بن حرب، قال: ثنا عمر بن يونس الحنفي، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني إياس بن سلمة، قال: حدثني أبي قال: "غزونا مع رسول الله -عليه السلام- حنينا، فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلوا ثنية فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع، ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة

                                                [ ص: 465 ] النبي -عليه السلام-، فولى صحابة النبي -عليه السلام- وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله -عليه السلام- منهزما - وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله -عليه السلام-: لقد رأى ابن الأكوع فزعا، فلما غشوا رسول الله -عليه السلام- نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم وقال: شاهت الوجوه. فما خلف الله منهم إنسانا إلا ملأ عينه ترابا من تلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله تعالى، وقسم رسول الله -عليه السلام- غنائمهم بين المسلمين".


                                                والثامن: عن عقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنه-.

                                                أخرجه بإسناد صحيح: عن بحر بن نصر بن سابق الخولاني ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث البصري ، عن سعيد بن أبي هلال أبي العلاء المصري ، عن أسلم بن عمران أبي عمران التجيبي المصري ، عن عقبة بن عامر .

                                                وأخرجه النسائي: عن قتيبة ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عمران أسلم ، عن عقبة بن عامر قال: "اتبعت النبي -عليه السلام- وهو راكب، فوضعت يدي على قدمه فقلت: أقرئني سورة هود..." الحديث.

                                                وأما حديث عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه... إلى آخره:

                                                فأخرجه عن أحمد بن داود المكي ، عن إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي شيخ مسلم في غير "الصحيح"، وابن ماجه .

                                                عن معن بن عيسى بن يحيى بن دينار الأشجعي المدني الثقة، عن فائد بالفاء، المدني الثقة، عن مولاه عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي -عليه السلام-، الثقة.

                                                عن أبيه علي بن أبي رافع .

                                                وفي "التكميل": علي بن أبي رافع ، عن أبيه. وعنه: ابنه الحسن؛ فيه جهالة.

                                                [ ص: 466 ] وأبو رافع اسمه إبراهيم - وقيل: أسلم - مولى النبي -عليه السلام- .

                                                قوله: "فكانت عند علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-" وهذه البغلة هي التي كانت تسمى الدلدل، أهداها له -عليه السلام- المقوقس، وقد كانت عمرت حتى كانت عند علي -رضي الله عنه-، وتأخرت أيامها حتى كانت بعد علي عند علي بن الحسين بن علي، وقيل: كانت عند عبد الله بن جعفر، وكان يحش لها الشعير لتأكله من ضعفها.




                                                الخدمات العلمية