مسألة : قال الشافعي : " ولو فلا يحنث ؛ لأن الحنث إذا وقع مرة لم يحنث ثانية " . حلف بعتق عبده ليضربنه غدا فباعه اليوم ، فلما مضى غد اشتراه ،
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة في عقد يمينه بعتق عنده أن يعقدها بطلاق زوجته ، وقد مضى في كتاب الطلاق ، وسنعيده هاهنا ، لنبني عليه حكم العتق .
فإذا فلها في دخول الدار ثلاثة أحوال : قال لزوجته : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ،
أحدها : أن تدخلها ، وهي باقية على هذا النكاح ، فيحنث في يمينه ، وتطلق بحنثه ، لأن شرط الحنث قد وجد في زمان يلزمه فيه الطلاق .
والحال الثانية : أن يطلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة أو يملكها ، وانقضت العدة ، ثم دخلت الدار لم يقع عليها الطلاق ، لأن دخول الدار ، وإن كان موجبا للحنث ، فقد كان في زمان لا يلزمه موجبه من الطلاق ، فلم يحنث به .
وإن جدد نكاحها بعد دخول الدار ، ثم دخلت الدار لم يحنث به ، ولم تطلق عليه ، لما علل به الشافعي من أن الحنث إذا وقع مرة لم يقع ثانية .
[ ص: 403 ] وبيانه : أنه لما وجد شرط الحنث انحلت به اليمين ، فسقط حكمها ، وإذا انحلت اليمين لم تعد إلا بعقد جديد .
والحال الثالثة : أن يطلقها ، ويستأنف نكاحها بعد انقضاء المدة ، ثم تدخل الدار في النكاح الثاني ، فيكون عقد اليمين في النكاح الأول ، ووجود الحنث في النكاح الثاني ، ولم يقع بين النكاحين حنث ، فالحنث معتبر بصفة الطلاق في النكاح الأول ، فإن كان دون الثلاث عادت اليمين على القديم قولا واحدا ، وفي الجديد على قولين ، وإن كانت ثلاثا لم تعد اليمين على الجديد قولا واحدا ، وفي القديم على قولين ، فصار في حنثه بدخولها في النكاح الثاني قولان :
أحدهما : يحنث ، ويقع الطلاق لوجود اليمين والحنث في زمان يملك فيه الطلاق ، فاستقر حكم اليمين في النكاحين .
والقول الثاني : لا يقع الطلاق ، وإن كان شرط الحنث موجودا ، لأنها يمين انعقدت قبل هذا النكاح ، فارتفعت بزوال ما انعقدت فيه ، لأنه لا يقع طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك .