مسألة : قال الشافعي : " ولو أخذ بحقه عرضا فإن كان قيمة حقه لم يحنث ، وإن كان أقل حنث إلا أن ينوي حتى لا يبقى عليك من حقي شيء ، فلا يحنث " ( قال المزني ) رحمه الله : ليس للقيمة معنى لأن يمينه إن كانت على عين الحق لم يبر إلا بعينه ، وإن كانت على البراءة ، فقد برئ ، والعرض غير الحق سوى أو لم يسو .
قال الماوردي : وصورتها أن ، فقد اختلف الفقهاء في بره على ثلاثة مذاهب : يحلف صاحب الحق على غريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فيأخذ منه عوض حقه متاعا أو عروضا أو يأخذ بدل الدراهم دنانير أو بدل الدنانير دراهم
أحدها : وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه : أنه لا يبر في يمينه ، ويحنث سواء كان ما أخذه بقيمة حقه أو أقل منه .
والثاني : - وهو مذهب أبي حنيفة - أنه يبر في يمينه ولا يحنث ، سواء كان بقيمة حقه ، أو أقل منه .
[ ص: 387 ] والثالث : وهو مذهب مالك أنه يبر إن كان بقيمة حقه ، ويحنث إن كان أقل من قيمة حقه ، ووهم المزني فنقل هذا المذهب عن الشافعي ثم رد عليه ، فقال : ليس للقيمة معنى ؛ لأن يمينه إن كانت على غير الحق لم يبر إلا بعينه ، وإن كانت على البراءة فقد برئ ، والعوض غير الحق ، سوى أو لم يساو ، فيقال للمزني : نقلك خطأ وجوابك صحيح ، وإنما حكاه الشافعي عن مالك ، وقد أفصح بمذهبه في كتاب الأم أنه يحنث ، واحتج أبو حنيفة على بره بأخذ البدل بأنه إذا أخذ عن مائة دينار ألف درهم صار عليه بأخذ الألف مائة دينار ، فصار مستوفيا لحقه .
ودليلنا هو أن سقوط الحق إنما هو بالمأخوذ وهو دراهم والحق دنانير ، فصار أخذا لبدل الحق ، وليس بآخذ للحق ؛ ولأننا أجمعنا وأبو حنيفة أنه لو كان حق الحالف ثوبا فصالح عنه بدراهم أخذها منه أنه يحنث ، فكذلك إذا أخذ عن الدراهم ثوبا أو أخذ عن الدنانير دراهم حنث ؛ لأنه قد أخذ في الحالين بدل حقه ، ولم يأخذ بعينه ، وفيه جواب .