الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 351 ] مسألة : قال الشافعي : " وإن حلف لا يسكن بيتا وهو بدوي أو قروي ولا نية له ، فأي بيت من شعر أو أدم أو خيمة أو بيت من حجارة أو مدر أو ما وقع عليه اسم بيت سكنه ، حنث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن بيوت السكنى تختلف من وجهين :

                                                                                                                                            أحدها : باختلاف الأحوال .

                                                                                                                                            والثاني : باختلاف العادات .

                                                                                                                                            فأما المختلف باختلاف الأحوال ، فللبوادي بيوت النقلة من الأدم ، والشعر ؛ لأنهم ينتجعون في طلب الكلأ ، فيسكنون من البيوت ما ينتقل معهم في النجعة من الخيام والفساطيط ، ولأهل القرى بيوت الاستقرار فيسكنون ما يدوم ثبوته في أوطانهم من الأبنية المستقرة . وأما ما يختلف باختلاف العادات ، فهو أن بيوت أهل الأمصار لتشييدها ، وقسمة مساكنها ، مخالفة لبيوت أهل القرى في ذهابها ، واحتلال قسمها ، وتختلف العادات ، فمنهم من يبني بالأحجار والنورة ، ومنهم من يبني بالآجر والجص ، ومنهم من يبني باللبن ، والطين ، ومنهم من يبني بالخشب ، ومنهم من يبني بالقصب ، واختلاف العادات لا تؤثر في الأيمان وجميعها بيوت لمن اعتادها ، ومن لم يعتدها ، فإذا حلف لا يسكن بيتا ، حنث بسكنى كل بيت منها ، وإن لم يعتد سكناه من حجر أو آجر أو طين أو خشب ، أو قصب محكم يدوم على مر السنين ، ولا يحنث أن يسكن بيوت الرعاة من الهشيم والجريد ، والحشيش ؛ لأنه يستدفع به أذى وقت من حر أو برد ، ولا يستدام سكناها . فأما إن سكن مسجدا أو حماما ، لم يحنث لأمرين : أحدهما : أن انطلاق اسم البيت عليهما مجاز لا حقيقة .

                                                                                                                                            والثاني : أنهما لا يسكنان في العرف ، فلهذا لم يحنث لسكناهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية