الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الثاني : أن تكون القيمة أكثر من ثمن مثلها فعليه أن يصرف القيمة في الأضاحي : لأنها مستحقة لأهلها فيشري منها واحدة مثلها ، وفيما يشتريه بباقي القيمة وجهان محتملان :

                                                                                                                                            [ ص: 106 ] أحدهما : في أمثالها ، ولا يعدل عن مثلها إلى غيرها : لأن مصرف جميعها واحد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يصرفه فيما هو الأحظ لأهل الضحايا من ذلك الجنس أو غيره : لأن الزيادة بعد حصول المثل كالابتداء بالأضحية ، وإذا كان كذلك نظر في الزيادة ، فإن كانت ثمنا للأضحية كاملة أو أضحيتين اشترى بها ما أمكن من الضحايا الكاملة ، ولا يجوز أن يشتري ما لا يجوز من الضحايا ، وإن نقصت الزيادة عن ثمن أضحية كاملة قال الشافعي : يسلك بها مسلك الأضحية ، فاختلف أصحابه في مراده فيما يصنع بها على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يشتري بها سهما من أضحية اعتبارا بالأصل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يشتري بها لحما لتعذر الشركة في الحيوان ، فعدل به إلى اللحم المقصود .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : تصرف زيادة دراهم بحالها : لأنها تلافي التصرف أصلا ، فجاز فيه من القيمة ما لم يجز في الأصل ، كمن وجبت عليه جذعة في الذكاة ، فأعطى قيمتها لم تجز : ولو أعطى عنها حقة ودفع عشرين درهما عن نقص الحق أجزأ .

                                                                                                                                            فإن قلنا : إنه يصرف ذلك في سهم من أضحية كان في ذلك السهم كأهل الضحايا .

                                                                                                                                            وإن قلنا : إنه يشتري به لحما أو يصرفه ورقا ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يسلك به مسلك الضحايا ويكون فيه بمثابتهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يختص به الفقراء ، ولا يجوز أن يشاركهم فيه كما لو عطبت عليه بدنة من الهدي ذبحها ولم يأكل منها شيئا ، وإن كانت لو سلمت جاز له أن يأكل منها حسما للنهمة كذلك هذه الزيادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية